معرفة مواقع النزول ، واستيعابه للمحكم والمتشابه ، والقراءة والأحكام والتاريخ والجغرافية ، فضلا عن اللغة والأدب الرفيع.
وهكذا كان ابن عباس بمعارفه الوسيعة يهتمّ بتعرّف كل شيء في القرآن ، حتى ليقول : إني لآتي على آية من كتاب الله تعالى ، فوددت أنّ المسلمين كلّهم يعلمون منها مثل ما أعلم (١). ويقول مصوّرا مدى اقتداره على استنباط معاني القرآن : لو ضاع لي عقال بعير لوجدته في كتاب الله تعالى (٢). قال الجويني : وما كان له أن يقول ذلك لو لا أخذه من كل ثقافة بطرف ، وتسخيرها جميعا لخدمة تفسير القرآن (٣).
ولهذا ظلّ ابن عباس دوما موضع الاعتبار والتقدير من الصحابة الأوّلين ومن معاصريه من التابعين ، وممن لحقه بعد ، منذ عهد التدوين ولا يزال. فما أكثر ما يدور اسمه في كتب التفسير على اختلاف مناهجها ومنازعها السياسية والمذهبية حتى الآن ، فرحمهالله من مفسّر لكلامه البليغ الوجيز.
الطرق إليه في التفسير
ذكر السيوطي تسعة طرق إلى ابن عباس في التفسير (٤) ، وصف بعضها بالجودة وبعضها بالوهن حسبما يلى :
أوّلها ـ وهو من جيّدها ـ : طريق معاوية بن صالح عن عليّ بن أبي طلحة الهاشمي عن ابن عباس. قال أحمد بن حنبل : بمصر صحيفة في التفسير ، رواها
__________________
(١) الإصابة لابن حجر ، ج ٢ ، ص ٣٣٤.
(٢) الإتقان ، ج ٣ ، ص ٢٦ عن تفسير ابن أبي الفضل المرسي.
(٣) مناهج في التفسير ، ص ٤٠ ـ ٤١.
(٤) راجع : الإتقان ، ج ٤ ، ص ٢٠٧ ـ ٢٠٩.