حسن الفعل وقبحه كعنواني التاديب ، والتشفي ، المنطبقين على ضرب اليتيم ، لا بد وان تقصد وإلا لا يقع الفعل حسنا ، والقصد يتوقف على العلم ، وحيث ان ذلك العنوان مجهول ومغفول عنه ، فلا يكون سببا لرجحان الفعل وعباديته.
الثالث (١) : انه يكفي الرجحان الطارى عليهما من قبل النذر في عباديتهما بعد تعلق النذر باتيانهما عبادة أو متقربا بهما منه تعالى وان لم يتمكن من اتيانهما كذلك قبله ، إلا انه يتمكن منه بعده ولا يعتبر في صحة النذر ، إلا التمكن من الوفاء ولو بسببه ، والشاهد على كفاية ذلك في المقام النص الخاص المخصص لعموم دليل اعتبار الرجحان في متعلق النذر.
وفيه : انه ان اريد من الرجحان الطارى من قبل النذر انطباق عنوان راجح على المنذور ، بعد النذر ، فيرد عليه ما اوردناه على الوجه الثاني ، بل مرجعه إليه ، وان اريد منه الرجحان الطارى بسبب النذر من حيث انه يوجب تعلق الأمر النذرى به فيصير راجحا فيرد عليه : انه ينافي ما ذكره سابقا من ان الأمر النذرى توصلي لا يعتبر في سقوطه إلا الاتيان بالمنذور بأي داع كان.
نعم ، يتم هذا الوجه بناء على ما حققناه في محله من ان التعبدية والتوصلية ليستا من صفات الأمر والوجوب ، بل هو فيهما على نسق واحد وسنخ فارد ، وإنما هما من صفات الواجب ، إذ الغرض منه ، تارة يحصل لو أتى به بقصد القربة ، وأخرى يحصل لو اتى به بأي داع كان ، والأول تعبدي والثاني توصلي ، وعليه فسقوط الأمر بالوفاء بالنذر في التعبدية والتوصلية تابع
__________________
(١) كفاية الاصول ص ٢٢٥ (فانه يقال ..).