وأما مع اللبس : أو مع الاختلاف في الحق فتجب الإجابة ، لكن إنما تجب إذا لم يختر تسليم ما ادعي عليه ، وأيضا إنما تجب إذا كان القاضي مجمعا على جواز حكمه بأن يكون عدلا مجتهدا ، أو مقلدا ونصبه الإمام ، أو مقلدا واتفق مذهب الخصمين على صحة حكمه.
فأما لو كان غير عدل أو ليس بقاض عند الخصمين ولم ينصبه الإمام : لم تلزمه الإجابة.
فإن كان قاضيا عند المدعي لا عند المدعى عليه ، ولم ينصبه الإمام : لم تجب الإجابة ، لكن له أن يدعيه إلى حاكم مجمع عليه في الإجابة إلى هذا المختلف فيه ، فإذا ألزمه الإجابة لزم إلزامه
هذه الجملة هي مقتضى الأصول.
قوله تعالى : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ)
المعنى (يطع الله) في فرائضه ، ورسوله فيما شرع ، (ويخش الله) على ما مضى من ذنوبه ، (ويتقه) فيما يستقبل ، وفي هذا تأكيد لما تقدم من إجابة الدعوى إلى كتاب الله وسنة نبيه.
وعن بعض الملوك أنه سئل عن آية كافية ، فتليت له هذه الآية
قوله تعالى
(وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَ) [النور : ٥٣].
هذا ورد مورد الذم للمنافقين على إيمانهم لرسول الله وهم مضمرون لعدم الطاعة.
وقد استثمر من هذا قبح اليمين بالله مع إضمار الحنث ، وإن لم يحنث في الحال (١).
__________________
(١) وقال الإمام شرف الدين والإمام القاسم : إن هذه اليمين غموس وإن من حلف على الغير وهو يعلم أو يظن أنه لا شيء عنده فهي غموس لا تنعقد وكذا لو حلف ليفعل وهو عازم على الترك تمت.