وجاء في رواية البخاري أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم استقام لعائشة تنظر إلى قوم يلعبون بحرابهم لعب الحبشة في المسجد ، ولعل جواز ذلك في المسجد منسوخ ، والنظر إليهم على الإباحة أو على النسخ.
وهاهنا تنبيه : وهو أن يقال :
إذا كانت النساء ينظرن إلى الرجال لغير شهوة ولم يعرفن المذاهب هل يجب منعهن والنكير عليهن أو لا يجب لأن الخلاف شائع؟
ولعل الجواب أن يقال : إن انتسبن إلى من يعتقد التحريم لزم النكير ـ كالشافعي إذا أراد شرب المثلث جاهلا ـ ، وإن لم ينتسبن إلى من يمنع بل لا مذهب لهن جملة أو انتسبن إلى مذهب من يجيز لم يجب النكير ، ويستحب النصيحة ؛ لأن ذلك مظنة الخطر.
فإن قيل : هذا حكم نظرهن إلى وجه الأجنبي وكفيه فما حكم نظرهن إلى رأسه ، وظهره ، وصدره؟
قلنا : هذا أغلظ فلا يجوز ، وينكر عليهن (١) ، وخلاف داود قد انقرض فلا يعمل به على الأظهر من المذهب.
فإن قلت : ما حكم الرجل إن عرف أن النساء ينظرن إليه هل يجب عليه أن يستر نفسه لئلا يكون مسببا لهن إلى الوقوع في المحظور؟
قيل : هذا هو القياس ، إلا أن يخص بعادة المسلمين (٢) كافة فإنه لم يرو أن أحدا ستر نفسه ، وقد كانت النساء يصلين في المسجد مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكذلك في مواقف الحج.
وقوله : (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَ)
__________________
(١) بناء على أن المسألة إجماعية وقد تقدم في الحاشية خلاف صاحب الشريعة تمت بالمعنى.
(٢) لا وجه للتردد فلا يحسن تمت.