الثاني : أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم قال للذي لاعن ـ وهو هلال ـ : «قم فاشهد أربع شهادات بالله» فكأنه عليهالسلام جعل الخامسة على سبيل التغليظ.
الثالث : أن اللعان معنى يتخلص به عن الحد ، فشابه الشهادة التي يسقط بها حد القاذف وهي أربعة.
أما لو اقتصر على ثلاث شهادات فظاهر الآية يقضي أن ذلك لا يكون لعانا ، وهذا هو الذي ذهب إليه الشافعي ، وصححه الأزرقي ، وغيره من الناصرية ، وأصحاب أبي حنيفة.
وقال أبو حنيفة وأبو طالب : قد أخطأ الحاكم ، ونفذ حكمه.
قال أبو طالب : ووجه نفوذ الحكم أنه لم يخالف دليلا قاطعا ؛ لأن الله تعالى ذكر عدد الشهادات ولم يبين موضع الفرقة هل بعد فراغ الزوج أو بعد فراغهما ، أو بتفريق الحاكم ، فصارت اجتهادية ، وقد نظّر هذا القول.
وقيل : إن الإجماع قد حصل على وجوب الأربع ، وتؤول قول أبي حنيفة على أنه قال ذلك في وقت لم يظهر الإجماع على خلافه.
وقيل : قبل أن يبلغ درجة الاجتهاد ، وهكذا قيل في كلام أبي طالب.
الحكم الحادي عشر :
إذا نكل الزوج عن اللعان ما ذا يكون الحكم؟
قلنا : الذي ذهب إليه الأكثر : أن الزوج يحد ، وهذا قول المؤيد بالله وصححه القاضي زيد ، وهو قول مالك ، والشافعي ، والأوزاعي.
ووجه ذلك أن آية القذف أوجبت الحد على كل قاذف مطلقا إلا أن يأتي بأربعة شهداء ، أو جعل الله تعالى في قذف الزوج لزوجته شهاداته الأربع قائمة مقام الشهود الأربعة في إسقاط الحد نفسه ، وإيجاب الحد عليها ، ولهذا قال تعالى : (وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللهِ) فجعل لها ما يسقط عنها ما أوجبته شهادات الزوج.