واختلف العلماء أي وقت ترد شهادته؟
فقال الشافعي : بنفس القذف بطلت.
وقال أهل المذهب : بعجزه عن إقامة البينة ، وعدم إقرار المقذوف بطلت.
وقال أبو حنيفة : لكمال الحد بطلت شهادته ، لا قبل ذلك ، ولكل تعلق بالآية الكريمة.
تعلقنا أن الله تعالى جعل جزاء القاذف كالذي لم يأت لشهادة الجلد ، ورد الشهادة ، وجعل هذين الحكمين مرتبين على أن لا يأتي بالشهادة بقوله تعالى : (ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ) وثم للتراخي.
وتعلق الشافعي بقوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ) فالعلة الموجبة الجزاء القذف ، وأيضا فإن قوله تعالى : (فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً) خبر عن الذين ، وكذلك قوله تعالى : (وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ) خبر ثان.
قلنا : ذلك مقيد بالرمي ، وعدم الإتيان بالشهداء ، ويرد قول أبي حنيفة بان الحد فعل غير القاذف ، وأيضا الحدود كفارات (١) لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «الحدود كفارات» فلا يتعلق بالحد التفسيق ورد الشهادة ، وتعلق أبو حنيفة بأن رد الشهادة مرتبة على الجلد ، وما حده خفي.
الحكم الثاني : أن القذف من الكبائر ويقضى بكبره متى ردت الشهادة على حسب الخلاف ، والله أعلم.
الحكم الثالث : يتعلق بقوله تعالى : (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا) وذلك في بيان المخرج بالاستثناء وقد أجمعوا أن الجملة الأولى وهي قوله تعالى : (فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً) لا يرجع إليها الاستثناء ؛ لأن ثم مانعا من الرد إليه
__________________
(١) لعلها في حق التائب ، فيكون الحديث مخصصا.