اخرى. فلو كانت
عباديتها وقصد القربة وحصول الثواب والقرب بلحاظ امرها الغيري بما هو غيري
فللاشكال المذكور مجال واسع. واما اذا كانت الأمور المذكورة لاجل رجحانها النفسي
ومصلحتها الذاتية كسائر العبادات فلا يبقى مجال للاشكال المذكور لانه لا فرق حينئذ
بينها وبين سائر العبادات كما لا يخفى.
المقدمة العبادية
:
قوله
: والاكتفاء بقصد امرها الغيري فانما هو لاجل انه يدعو الى ما هو كذلك ... الخ فاعترض في هذا المقام ان الموجب لعبادية هذه المقدمات لو
كان رجحانها الذاتي لا الامر الغيري بما هو غيري كما ذكر سابقا فلا وجه للاكتفاء
بها بقصد الامر الغيري. والحال انه يكتفى به اجماعا. مثلا : اذا أتي المكلف
بالوضوء بقصد امتثال امره الغيري فيكتفى به وتترتب عليه فوائده من الثواب والقرب
والنور ، اذ الوضوء نور كما ، ان الوضوء على الوضوء نور على نور ، كما في الرواية.
توضيح
: دفع المصنف قدسسره ان قصد الامر الغيري لا يكون محرّكا على ذات العمل الذي هو
الوضوء ، وليس قصد الامر الغيري موجبا لعبادية العمل ، بل الباعث الى العمل هو
اطاعة الامر النفسي الاستحبابي ، ولذا تجوز الصلاة بالوضوء الذي أتى به المكلف قبل
دخول وقت الصلاة ، لان الامر الغيري يتعلق بما هو مقدمة ، والمقدمة من هذه الافعال
ما كان في نفسه عبادة.
فالعبادية في
الطهارات الثلاث مفروضة في رتبة سابقة على الامر الغيري وليست العبادية فيها حاصلة
من قبل الامر الغيري حتى يكون هو المقصود لذات العمل ولفعل الوضوء والغسل والتيمم
، بل المقصود من الاتيان بالعمل على النحو العبادي هو اطاعة امره النفسي
الاستحبابي.
ولذا يستحب الكون
على الطهارة دائما ، ولذا ورد في الشريعة المقدّسة استحباب الوضوء قبل النوم ، وما
هذا إلّا لاستحبابه نفسيا.
وان أشكل على المصنف
قدسسره بان هذا الدفع لا يتمّ في التيمم لعدم استحبابه