تقييد الهيئة أو المادة :
قوله : ثم الظاهر ان الواجب المشروط كما ... الخ فاعلم ان الوجوب على قسمين :
الاول : ان يكون مطلقا ثابتا في كل حال وفي كل تقدير ، مثل (اكرم زيدا) لان وجوب الاكرام ثابت مطلقا.
والثاني : ان يكون مشروطا ثابتا في حال دون حال وفي تقدير دون تقدير مثل قولك (ان جاءك زيد فاكرمه).
فالانشاء ، وإن لم يعقل فيه التقدير والتعليق ، يختلف مع المنشإ ، لانه اما أن يكون موجودا ، واما أن لا يكون موجودا ، ولكن المنشأ يكون مما يعقل فيه التقدير ، وهو وجوب الاكرام الذي يعلق على المجيء ويشترط به ، فاذا ظهر ان الوجوب يكون مشروطا ، فالواجب مطلق ، فاختلف أن الوجوب الذي هو مفاد الهيئة يكون مشروطا بشرط ، او مادة الامر مشروطة بشرط ، ويكون الوجوب مطلقا ، فاذا قيل (ان جاءك زيد يوم الجمعة فاكرمه) فالوجوب مشروط.
قال المصنف قدسسره ان وجوب الاكرام الذي هو مدلول الهيئة مشروط بالمجيء في يوم الجمعة ، فاذا جاء فيه يجب اكرامه ، وان لم يجيء فيه فلا يجب اكرامه ، فالوجوب مشروط بشرط ، وقبل حصول الشرط لا يكون الوجوب فعليا اصلا.
وقال العلامة الانصاري قدسسره ان الشرط يرجع الى الواجب ، فان قلنا ان القيد والشرط منوطان بالوجوب الذي هو مدلول الهيئة فلا وجوب حقيقة ولا طلب واقعا قبل حصول الشرط كما هو ظاهر الخطاب التعليقي ، ضرورة ان خطاب (ان جاءك زيد فاكرمه) كون الشرط من قيود الهيئة ، وان طلب الإكرام وايجاب الإكرام معلقان على المجيء بحيث يتحقق ايجاب الإكرام ولا يكون وجوبه موجودا قبل المجيء.
وان قلنا : ان القيد والشرط راجعان الى الواجب الذي هو (الاكرام) في المثال ومادة الامر فالوجوب مطلق فعلي ، والواجب هو (الاكرام) مشروط بالمجيء (فان يجئك فاكرامه حاصل) و (ان لم يجئك فلا يكون اكرامه حاصلا).