مقدمة وجودية ، كالاستطاعة ، اذ كما يتوقف وجوب الحج عليها فكذا يتوقف وجوده في الخارج عليها وليس العكس. لان قطع المسافة مقدمة وجودية للحج ، وليس مقدمة وجوبية له ، لانه واجب على المستطيع سواء قطع المسافة أم لا. وان المقدمات الوجوبية للواجب المشروط خارجة عن محل الكلام عند المصنف قدسسره وداخلة فيه عند الشيخ الانصاري قدسسره.
وان في الواجب المشروط يكون الوجوب فعليا والواجب استقباليا عند الشيخ قدسسره. واما عند المصنف فهما بالعكس ، يعني أن الوجوب استقبال ، اذ لا وجوب قبل حصول الشرط والواجب فعلي لانه قد أنشئ معلقا على الشرط. وان الوجوب الغيري للمقدمة تابع لوجوب ذيها في الاطلاق والاشتراط. فاذا كان وجوب ذي المقدمة مطلقا كان وجوبها مطلقا ، كالصلاة والطهارة ، واذا كان ذوها مشروطا كان وجوبها مشروطا ، كالحج والاستطاعة ، لان وجوبها ترشحي وهو لا يزيد عن وجوب ذيها ولا يخالفه فيهما. هذا ثابت في غير المعرفة والتعلّم من المقدمات اي مقدمات اصول الدين.
وجوب المعرفة والتعلّم :
قوله : واما المعرفة فلا يبعد القول بوجوبها حتى في الواجب المشروط ... الخ فالمعرفة والتعلّم ليستا تابعين لذي المقدمة في الاطلاق والاشتراط ، فلا يبعد القول بوجوبهما حتى في الواجب المشروط قبل حصول شرطه وقيده ، لكن لا من باب الملازمة بين وجوب الشيء وبين وجوب مقدمته التي هي مناط الحكم عقلا بوجوب المقدمة ، بل لحكم العقل بوجوب الفحص عن الأحكام الواقعية بعد احتمال التكليف ، لان احتماله ، لو لم يكن حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان ، منجّز للتكاليف الواقعية.
والحال ان اجراء حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان يتوقف على الفحص وعلى طلب العلم بالواقع. فالعقل يحكم حينئذ بوجوب الفحص عن الواقع وبوجوب