النحو ، ولكن تعدد الغرض يوجب تعددهما ، اذ الغرض من تدوين التصريف هو حفظ اللسان عن الخطإ في ذات الكلمة ، والغرض من النحو هو حفظ اللسان عن الخطإ في اوصاف الكلمة من حيث الاعراب والبناء.
فمثلا : الغرض من علم التصريف معرفة ذات اللفظ العربي من حيث كونه مفتوح العين أو مضمومها او مكسورها ، ومن حيث كونه ثلاثيا أو رباعيا ، مبنيا للمعلوم ، او مبنيا للمجهول ، ماضيا أو مضارعا. فهذه اوصاف ذات الكلمة تعرض عليها قبل تمامها.
والغرض من علم النحو معرفة اوصاف الكلمة بعد تمامها من حيث كونها معربة أو مبنية ، مرفوعة أو منصوبة او مجرورة. فهذه الاوصاف تعرض عليها بعد تمامها.
الثاني : تقبيح العقلاء تدوين علمين مع وحدة الغرض وان كان موضوع المسائل ومحمولها متعددين كعلم الاصول مثلا ، اذ الغرض فيه واحد مع اختلاف موضوع مسائله وكذا محمولها ، فاذا قلنا : انّ تمايز العلوم بتمايز الغرض ، يتداخل بعض العلوم في بعض المسائل الذي كان له دخل في الغرضين ، فيصير من مسائل العلمين ، وذلك نحو الامر حقيقة في الوجوب وهو مسألة لغوية اذ وظيفة اهل اللغة تعيين معاني الكلمات والالفاظ. وهو مسألة اصولية لانّه يقع في طريق الاستنباط فتداخلا فيها. وتداخل علمين في جميع المسائل ، فيما كان الغرضان متلازمين هو صرف الفرض. وعلى تحقق هذا الامر لا يحسن تدوين علمين وتسميتها باسمين بل تدوين علم واحد وتسميته باسم واحد. اما بخلاف التداخل في بعض المسائل فانّ حسن تدوين علمين مشتركين في مسألة أو ازيد لاجل الغرضين لا يكاد يخفى ، كعلم الكلام ، وعلم الفقه الذين هما شريكان في مسألة التجري ، ولكن الغرض من الاول معرفة المبدإ والمعاد ، ومن الثاني معرفة الاحكام فلذا دون العلمان.