قلنا : ان هذه الاوصاف مغايرة لذات واجب الوجود مفهوما ، لان مفهوم العلم غير مفهوم واجب الوجود. اذ مفهوم العلم انكشاف الواقع ، ومفهوم واجب الوجود هو ما يكون وجوده ضروريا ويستحيل عليه العدم. وهكذا سائر صفات الباري تحمل على الباري جلّ جلاله.
فمبدأ الاوصاف ، مثل العلم والقدرة وامثالهما ، مغاير لذات واجب الوجود مفهوما ، وهذه المغايرة كافية في الحمل. فلاجل هذه المغايرة المفهومية تحمل على الباري ، لان المشتق تابع للمبدإ في التغاير والتوافق ، فاذا كان مفهوم العلم غير مفهوم واجب الوجود ، فكذا مفهوم العالم يكون غير مفهوم واجب الوجود وان كانا متحدين مصداقا وخارجا.
فساد قول صاحب (الفصول):
قوله : ومنه قد انقدح ما في (الفصول) من الالتزام بالنقل ... الخ قد ظهر من اجل كفاية مغايرة المفهومية في صحة الحمل ، فساد ما في (الفصول). من الالتزام بالتجوز ، بان يراد بالعالم غير معناه اللغوي ، أو الالتزام بالنقل بان يكون جرى العالم على واجب الوجود بمعنى حقيقي آخر يناسب معناه اللغوي الاولي.
وفي ضوء هذا : فالعالم الذي يحمل على واجب الوجود يكون بحسب المفهوم غير العالم الذي يحمل على غير واجب الوجود ، وكذا سائر صفات الباري عزّ اسمه ، وذلك الالتزام بالتجوز أو النقل لعدم المغايرة بين مبادئ صفات الباري وذات الباري. لان ذات الباري عين العلم وعين القدرة ، والعلم عين ذاته المقدسة وكذا القدرة والحياة والارادة والادراك والقدم والتكلم والصدق.
فالمشتقات من هذه المبادئ تكون ايضا عين ذاته المقدسة ، نحو : العالم والقادر والحي والمريد والمدرك والقديم والمتكلم والصادق ، لان المشتقات تابعة للمبادئ في العينية والغيرية مع الذات فالاول كصفات الباري ، والثاني كصفات وعناوين غير الباري عزّ اسمه وجلّ جلاله.