فضلاً عنه ، كما يحتمل أن يكون مختارهم في معنى التشريع هو معناه الأوّل ، فلا يتجه الإشكال إليهم حينئذ. وهاهنا احتمال ثالث وهو أن يكون مرادهم من التسامح في عنوان المسألة هو التسامح في استحقاق العامل للثواب الخاص الذي بلغه دون أصل شرعية الفعل فتأمّل.
ويظهر من صاحب الجواهر (قدسسره) وجه آخر وهو ورود ما يدل على الاستحباب أعني : اخبار من بلغ ، على حرمة التشريع ، فإنّه قال [في جواب صاحب الرياض قده المنكر لاستحباب اللفافة لثديي المرأة زيادة على كفنها ، قائلاً بعدم جواز المسامحة في مثله لاستلزامه تضييع المال المحترم] ما حاصله :
«انّ حرمة التضييع لا تعارض ما دل على التسامح في أدلّة السنن ، بل هي كحرمة التشريع يرتفع موضوعهما بثبوت المستحب ولو بخبر ضعيف بعد أنّ دلّ الدليل المعتبر على اعتباره في مثله. فحال الخبر الضعيف مثلاً في المقام بعد قيام الأدلّة المعتبرة على اعتباره كالخبر الصحيح المعتبر إذا دل على استحباب فرد من أفراد العام المحرّم» (١).
***
بقي هنا أُمور :
الأمر الأوّل : قد يفسّر التشريع بالتعبّد بما لا يعلم جواز التعبّد به من قبل الشارع.
وأنت خبير بأنّه غير تام لأنّ المراد بالتعبّد إنّ كان معناه الحقيقي أعني : به الالتزام القلبي جداً فلا شك في أنّه أمر غير ممكن وخارج عن حيطة الاختيار ، إذ كيف يمكن التعبّد بما لا يعلم أنّه أمر عبادي فانّ الالتزامات النفسانية ليست واقعة تحت اختيار المكلّف حتى يوجدها في أي وقت شاء ، وإن أُريد منه اسناد
__________________
(١) جواهر الكلام : ٤ / ٢١٠.