وعليه فنشر الفضيلة التي لا حجة عليها وذكر المصيبة التي لا دليل عليها ، لا يدخلان تحت الكذب إلّا إذا كانا مخالفين للواقع مع العلم بهذه المخالفة ، فالظاهر تحقّق عنوان الخاطئ في المقام إذا أخبر عن شيء مخالف للواقع لا الكاذب ، والشاهد على ذلك أنّك ترى في العرف عدم إطلاق الكاذب على الخاطئ والمشتبه ، فلا يقال لمن يروي روايات غير معتبرة : إنّه كاذب ، ويؤيّد ما ذكرنا أنّ الكذب على ما صرّح به أهل اللغة ضد الصدق ، ومن الواضح أنّه لا يعتبر في تحقّق الخبر الصادق علم المخبر بمطابقة خبره للواقع بداهة إطلاق الصادق على من أخبر عمّا هو مطابق للواقع وإن لم يعلم بالمطابقة.
وإن أبيت عن ذلك وكنت في شك فيه ، فلا شبهة قطعاً في وجود المقتضي لشمول أخبار من بلغ لما نحن فيه وهو إطلاقها ، وغاية ما يقتضي اشكاله (قدسسره) وجود المانع لهذا الشمول ، أعني : به الوقوع في الكذب القبيح المحرّم ، وأنت خبير بإمكان الاحتراز عن الكذب والأمن من مضرّته بذكر مستند المنقول الضعيف كما لا يخفى ولذا قيّدنا الجواز في المسألة بذكر المستند. ويرجع ما ذكرنا الى خروج المقام من تحت الكذب القبيح عقلاً والمحرّم شرعاً لا أنّه تخصيص في حكم العقل حتى يقال باستحالته.
التنبيه الخامس :
هل يلحق بالرواية في صيرورته منشأ للتسامح فتوى الفقيه برجحان عمل أم لا؟
لا اشكال في الالحاق بناء على الاستناد في المسألة إلى قاعدة الاحتياط ، وأمّا على الاستناد إلى الأخبار ، فالتحقيق أن يفصّل بين ما إذا كان استناده إلى ما ظن صدوره من الشارع ، فيؤخذ به لصدق عنوان البلوغ حينئذ ، وبين ما إذا علم خطؤه