وأمّا إذا عكس المطلب ، وكان المكلّف قاطعا بحكم إلزامي وأراد المولى جعل حكم ظاهري ترخيصي ، فهذا مستحيل أيضا ، لأنّه إن كان ما يجعله حكما نفسيا ، إذن فيلزم اجتماع الضدين في تمام المبادئ كما تقدّم.
وإن كان طريقيا ناشئا عن التزاحم بين الملاكات الواقعية الترخيصية والإلزامية وتقديم مصلحة الترخيص على الإلزام ، فمثل هذا الحكم لا يكون مؤثرا ومعذرا للمكلّف ، لأنّ هذا الحكم إنّما يصدر من الشارع من باب عدم إمكان التحفظ على كلا الملاكين ، والقاطع يرى أنّ قطعه مصيب للواقع دائما ، إذن فهو يرى أنّه بإمكانه أن يحفظ الملاك الإلزامي للمولى من دون تزاحم ، إذن فمثل هذا الترخيص لا يكون معذرا لمكلّف يرى أنّه قادر على التحفظ على كل ملاكات الشارع ، فهو يرى عدم شمول خطاب الشارع له روحا وملاكا ، وإن كان يشمله خطابا.
فالنتيجة هي ، أنّه لا يعقل جعل الخطاب الظّاهري في مورد القطع ، لا نفسيا ، لاستلزامه التضاد ، ولا طريقيا ، لأنّ القاطع يرى نفسه مستثنى من الخطاب روحا وملاكا وإن كان مشمولا له صورة ، وكلّ خطاب يكون شموله للمكلّف هكذا ، لا يكون منجزا ولا معذرا له. هذا هو حاصل البرهان الصحيح في المقام.