نعم ، في طول إلزام الشارع بها ، يحكم العقل بلزومها من باب وجوب الطاعة والامتثال ، والحاصل انّ وجوب هذه الخصوصية شرعي ، وحينئذ لا يفرق الحال في جريان البراءة ، بين أن يكون التحميل خطابيا ، أو غرضيا بعد ان كانت هذه الكلفة من قبل الشارع ، وحينئذ يشملها دليل البراءة.
٣ ـ الإيراد الثالث : هو أنّه لو سلّمنا دعوى انصراف أدلة البراءة الشرعية إلى خصوص ما كان بيانه بالخطاب ، وقلنا انّ التفصيلية لا يعقل أخذها في متعلق الخطاب ، فحينئذ لا يمكن إجراء البراءة الشرعية.
إلّا أنّه لا مانع في المقام من إجراء قاعدة قبح العقاب بلا بيان بناء على مسلكهم لأنّ هذه الكلفة من قبل الشارع لا العقل ، إذن فوجوبها شرعي ، وحينئذ يقبح من الشارع العقاب عليها بلا بيان هذه الكلفة ، ولو بجملة خبرية إن لم يتمكن من بيانها بجملة إنشائية.
وبهذا تعرف انّ هذا الوجه غير تام.
٣ ـ الوجه الثالث : هو دعوى انّ العقل يحكم بعدم جواز الامتثال الإجمالي ، بقطع النظر عن كون التفصيلية في نفسها دخيلة في غرض الشارع ، ومن الواضح انّ هذا الحكم العقلي ليس من تبعات حكمه بوجوب امتثال التكليف الأصلي ، إذ من الواضح انّ كل تكليف لا يستدعي إلّا استيفاء غرضه ، إذن فلا موجب لحكم العقل بلزوم التفصيلية ما لم يكن غرضه متوقفا على التفصيلية بعنوانها ، ومن هنا قيل : بأنّ حكم العقل بذلك إنّما كان باعتبار انطباق عنوان قبيح على الامتثال الإجمالي ، بل لعلّه محرّم شرعا ، لأنّه حينئذ يكون لعبا وسخرية بأمر المولى ، بل المولى نفسه ، وهو قبيح عقلا ، وحينئذ لا بدّ من الالتزام ببطلان العبادة ، باعتبار أنّه مع حرمتها شرعا لا يمكن الالتزام بصحتها خارجا.