والحاصل أنّه لو سلّم انّ المقام من موارد التعيين والتخيير ، فهنا أيضا نقول بجريان البراءة.
إلّا أنّ ظاهر الميرزا «قده» في أجود التقريرات ، كأنّه يريد أن يبين بيانا آخر ، غير ما ذكره في الفوائد ، ولذلك فهو لم يعبّر بأنّ المقام من دوران الأمر بين التعيين والتخيير ، بل ذكر أنّ التفصيلية في مقام الامتثال شيء يحتمل اعتباره في الطاعة الّتي يحكم العقل باعتبارها فالشك هنا ليس على حدّ الشك في الطهارة في الصّلاة على الميت ، لأنّ هذا شك في اعتبار الطهارة في الواجب الشرعي ، وفي مثله لا تجري البراءة عن اعتبار التفصيلية ، وأمّا في المقام ، فالشك ليس في اعتبار التفصيلية في الواجب الشرعي ، وإنّما الشك في اعتبار التفصيلية في الطاعة اللازمة والّتي مرجعها حكم العقل ، ومن الواضح أنّ أدلة البراءة غير ناظرة لما يحتمل اعتباره عقلا في الطاعة ، بل هي ناظرة إلى ما يحتمل اعتباره في الواجب شرعا ، ثمّ يقول «قده» ، وليس معنى هذا انّ الشارع لا يمكنه التصرف في باب الطاعة فيما يعتبر فيها عقلا ، بل يمكنه ذلك كما في الرياء ، فإنّ الشارع اعتبر الخلوص في الطاعة ، فالشارع يمكنه التوسيع والتضييق ، إلّا هذا التصرف يحتاج إلى دليل يثبته ولا دليل في المقام حيث أنّ دليل البراءة غير ناظر إلى ذلك كما عرفت ، بل هو ناظر إلى ما يحتمل اعتباره في الواجب شرعا.
وهذا الكلام منه «قده» أقرب ما يكون إلى الجزء الأول من كلامه لأنّه يمكن تخريجه على أساس كون الشك شكّا في المحصل ، وحينئذ لا يرد عليه الإشكال الأول الّذي أورد على ما ذكر في الفوائد من أنّ المقام من موارد دوران الأمر بين التعيين والتخيير ، إلّا أنّه مع ذلك لا يتمّ هذا الكلام.
لأنّه إن أريد التفصيلية في الامتثال ممّا يحتمل اعتبارها في