العبادة هو انتساب العبادة إلى المولى ، وهذا المعنى محفوظ فيهما معا ، سواء تعدّدت الوسائط أو اتحدت ، وكون احتمال الأمر في طول الأمر تكوينا ، لو سلّم فهو تأخر وتقدّم رتبي في عالم التكوين لا دخل له ليكون نكتة في وجوب تأخر الامتثال الإجمالي في عالم التشريع عن الامتثال التفصيلي بحيث أنّ العقل العملي لا يرى حسن هذا إلّا إذا تعذّر ذاك.
ثمّ انّ الميرزا «قده» (١) ذكر في الجزء الثاني من كلامه ، أنّه لو أبيت عن التصديق بما ذكرناه أولا ، فلا أقل من حصول الشكّ في حصول الحسن العقلي في الامتثال الإجمالي في ظرف التمكن من الامتثال التفصيلي ، إذ حينئذ يكون المقام من دوران الأمر بين التعيين والتخيير ، لأنّه يدور بين وجوب الامتثال التفصيلي تعيينا ، أو التخيير بينه وبين الامتثال الإجمالي ، وفي هذه الموارد تجري أصالة الاشتغال ، فيتعيّن الامتثال التفصيلي.
وهذا الجزء من كلامه غير تام ، ويرد عليه.
أولا : بأنّ هذا الجزء الثاني من كلامه «قده» لا يتناسب مع الجزء الأوّل من كلامه ، حيث أنّ الجزء الأول يناسب إرجاع الشكّ إلى الشكّ في المحصل ، لا إلى دوران الأمر بين التعيين والتخيير الراجع إلى الشكّ في أصل جعل الشارع وكيفيته والّذي هو مجرى للبراءة كما ستعرف ، والوجه في ذلك هو أنّ ما ذكره في كلامه الأول قد خرجناه على أساس المسلك الأول ، وهو أنّه العبادة يجب فيها تحصيل عنوان حسن عقلا ، وهو يتوقف على التفصيلية في الامتثال ، وعند عدم تحصيل هذا العنوان كما لو فرض أنّ أصل الواجب لا إشكال فيه ولكن يشكّ في المحصل
__________________
(١) فوائد الأصول : الكاظمي ، ج ٣ ، ص ٧٢ ـ ٧٣.