هو معنى العبودية والعبادية ، فيقع الفعل موصوفا بالحسن عقلا ، حينئذ يقال : بأنّ العقل لا يحكم بحسن الامتثال الإجمالي مع التمكن من الامتثال التفصيلي ، وإنّما يحكم بحسن الامتثال الإجمالي في فرض تعذّر الامتثال التفصيلي وقد اكتفى المحقّق الكاظمي «قده» ، بحلاوة توضيحه لأجل البيان ولكن بدون برهان.
وهذا الكلام ينطبق على المسلك الأول ، لأنّ مرجعه إلى أنّ وجوب الامتثال التفصيلي إنّما هو باعتبار توقف أمر قد فرغ عن وجوبه عليه ، وهو الإتيان بالفعل على وجه حسن عقلا ، دون أن يقيم الميرزا «قده» دليلا على هذه الدعوى في فوائده وإنّما اكتفى بكون التفصيلية واجبة لدخلها في تحصيل الحسن العقلي الّذي هو واجب بنفسه في العبادات.
بخلاف أجود التقريرات (١) حيث حاول إقامة صورة برهان عليها ، فذكر انّ الامتثال الإجمالي متأخر رتبة عن الامتثال التفصيلي باعتبار أن الامتثال الإجمالي انبعاث عن احتمال الأمر ، بينما الامتثال التفصيلي انبعاث عن شخص الأمر مباشرة ، والانبعاث عن احتمال الأمر متأخر رتبة عن الانبعاث عن شخص الأمر ، وكأنّه يريد أن يقول بأنّه لمّا كان احتمال الأمر متأخر رتبة عن نفس الأمر كذلك يكون الانبعاث عن احتماله لا بدّ وأن يكون متأخرا رتبة عن الانبعاث عن نفسه وشخصه.
إلّا أنّ هذا الوجه غير تام ، ويرد عليه : إنّنا لا نرى طولية بين الامتثال الإجمالي ، والامتثال التفصيلي بلحاظ حكم العقل بالحسن ، لأنّ حكم العقل بالحسن هنا ليس بملاك مرموز غيبي ، وإنّما هو بملاك مفهوم ، وهو تعظيم المولى والانقياد له ، وهذه النكتة والملاك ليس
__________________
(١) أجود التقريرات : الخوئي ، ج ٢ ، ص ٤٤ ـ ٤٥.