القطعية للجامع ، لأنّ الإتيان بالجامع مع ترك الطرفين غير معقول ، إذ ليس له وجود إلّا بهما ، فإذا تركا ترك.
وهذا بخلافه في الموافقة الالتزامية القطعية ، فإنّ جريان الأصل المؤمن في الأطراف يستدعي عدم وجوب الالتزام بكل منها ، وهو لا ينافي وجوب الالتزام بالجامع ، لأنّ الالتزام به لا يوجد في ضمن الالتزام بأحدهما ، بل يمكن للالتزام أن يقف على الجامع ولا يسري إلى هذا الطرف أو ذاك ، وذلك لأنّ الجامع هنا أمر نفساني يوجد بوجود مستقل دون أن يسري إلى أحد الطرفين ، كما انّ نفس العلم لم يسر إلى أحدهما ، فكذلك الالتزام به ، لأنّ الجامع غير منحصر لا بهذا ولا بذاك.
والحاصل : هو أنّ الترخيص في ترك الالتزام بهذا بالخصوص أو بذاك بالخصوص ليس معناه ترك الالتزام بالجامع ، ومن هنا كان جريان الأصول في تمام الأطراف يؤدّي إلى الترخيص في المخالفة العملية القطعية ، ولكن لا يؤدّي إلى الترخيص في الموافقة الالتزامية القطعية ، وعليه ، لا مانع من جريان الأصول من ناحية وجوب الموافقة الالتزامية ، بمعنى أنّ وجوب الموافقة الالتزامية لا يكون مانعا عن جريان الأصول بناء على هذا الاحتمال.
٣ ـ الاحتمال الثالث : هو أن يفرض انّ وجوب الموافقة الالتزامية حكم شرعي مستقل لا عقلي ، كما لو حكم الشارع بأنّه «كلّما ثبت الجامع يجب الالتزام به» ، وهذا معناه : انّ العلم الإجمالي بإباحة أحد الأمرين ، يستوجب علما إجماليا بوجوب الالتزام بأحدهما ، وحينئذ نسأل : هل يوجد محذور في جريان الأصول من ناحيته أم لا؟
وقد ذكرنا في الأمر الثاني ، انّ وجوب الموافقة الالتزامية له عدّة الاحتمالات كما تقدّم ، والاحتمال الثالث منها هو ، أن يكون وجوب