الحكم مهملا من جميع الجهات لاستحالة كل من التقييد والإطلاق ، مع انّ غرض المولى الواقعي هو إمّا المطلق وإمّا المقيد ، إذن كيف يصل إلى إيصال غرضه الواقعي؟
وهنا يقول الميرزا «قده» (١) ، إنّه يصل إليه عن طريق جعل ثاني وراء الجعل الأول ، ففي البداية يجعل وجوب الصّلاة بنحو مهمل دون أن يقيده بأي شيء ، لا بهذا الفرد الجاهل ، ولا بالعالم ولا بالأعم ، ثمّ بعد هذا يجعل جعلا ثانيا ، وهو وجوب الصّلاة ، لكن إن كان غرضه مقيدا فيجعله على العالم بالجعل الأول ولا دور ولا محذور فيه لتعدد الجعلين لأنّ العلم بالجعل الأول أخذ في موضوع الجعل الثاني ، وإن كان غرضه في المطلق فإنّه سوف يكون مطلقا ، لأنّ الثاني قابل للتقييد بالعلم بالجعل الأول ، فيكون قابلا للإطلاق.
وميزة الثاني على الأول هو ، انّ الثاني باعتباره غير الأول ، فأخذ العلم بالجعل الأول في موضوعه لا دور فيه ، فوظيفة الجعل الثاني إيصال المولى إلى غرضه ، ودفع الإهمال عن الأول.
وحيث انّ هذين الجعلين ناشئين من غرض واحد وملاك واحد لم يمكن للمولى إيصاله بالجعل الأول فقط ، فيتوسل بجعلين لأجل هذا الغرض ، إذن ، فالثاني مع الأول ليسا حكمين متغايرين من قبيل أخذ القطع في وجوب الصّلاة في موضوع وجوب الصوم.
بل روحه أخذ القطع بالحكم في موضوع نفسه ، لأنّ هذين الجعلين روحهما واحدة وملاكهما واحد ، لكن من حيث الصياغة وباعتبار تعدد الجعلين يندفع المحذور ، ونكون قد وصلنا روحيا إلى حاق الغرض ، وهو أخذ القطع بالحكم موضوع نفسه.
__________________
(١) فوائد الأصول : الكاظمي ، ج ٣ ، ص ١١.