إذن : فعملية الإسراء يتكفلها نفس دليل الحجيّة ، لا دليل القطع الموضوعي.
وهذا هو مورد الفرق بين الورود والحكومة ، والإسراء يكون بنظر الدليل إلى وجوب الإراقة ، فيحتاج دليل الحجيّة إلى نظر زائد إلى تلك الأحكام المترتبة على القطع الموضوعي.
٢ ـ الكلام الثاني : هو أنّه بناء على ما اتضح في الكلام الأول ، حينئذ نفس الإشكال العرفي الّذي كان يواجه عملية تنزيل الظن منزلة القطع ، والّذي هو روح كلام الآخوند «قده» ، يتم هنا ، لأنّ دليل الحجيّة الّذي مفاده اعتبار الظن علما ، يحتاج أن يكون له نظران في مرحلة المدلول التصديقي ، أحدهما : نظره إلى الأدلة الواقعية ، وإبراز شدّة الاهتمام.
والآخر : نظره إلى أحكام القطع الموضوعي ، فكل منهما لا بدّ وأن يكون ملحوظا لدليل ، لأنّهما نظران متغايران ، والعرف لا يتقبل جمعهما.
فإن تمّ هذا الكلام في عملية التنزيل ، يصح هنا ، بل حتّى لو قطعنا النظر عن هذا ، وفرضنا إمكان تكفل عملية التنزيل بكلا المطلبين تمسكا بإطلاق دليل التنزيل وقلنا : إنّ المنجزية قابلة للجعل ، فنتمسك حينئذ بإطلاق دليل التنزيل ونقول : انّ الظن منزل منزلة القطع بكل آثاره بما فيه المنجزية والمعذرية وإبراز شدّة الاهتمام بناء على جعل الطريقية.
إلّا أنّ هذا لا يفيد هنا ، بناء على جعل الطريقية ، لأنّ اعتبار الكاشفية ليس تنزيلا حتّى نتمسك بإطلاقه بلحاظ الآثار ، إذن فنحتاج إلى قرينة عرفية على أنّ هذا الدليل ناظر إلى أحكام القطع الموضوعي ، وما هو الدليل على نظره في سائر موارد الأدلة الحاكمة ، فيما لو قيل مثلا : «الفقاع خمر» بنحو الحكومة ، فالنظر نثبته هنا بدلالة الاقتضاء ونقول :