وهذا المبنى الّذي ذهب إليه الميرزا استفاد منه سابقا في دفع الإشكال الثبوتي على إقامة الامارة مقام القطع الطريقي ، بحيث كان يتنافى هناك مع قاعدة قبح العقاب بلا بيان ، حيث أجاب هناك : بأنّ الامارة أصبحت علما ، فترفع موضوع قاعدة قبح العقاب بلا بيان ، وأصبح اللّابيان بيانا.
وهنا أراد الميرزا «قده» أن يستفيد من هذا المبنى ، وهو إمكان الجمع بين التنزيلين بعبارة واحدة ، وذلك لأنّ المولى حينما يعتبر غير العلم علما ، حينئذ يترتب عليه أمران : أحدهما ، رفع موضوع قاعدة قبح العقاب بلا بيان ، وبارتفاع موضوعها ، يكون هذا هو معنى إقامة غير العلم مقام القطع الطريقي ، والثاني : هو أنّ الدليل الّذي دلّ على أنّ «معلوم الخمرية يحرم» ، يطبقه في محل الكلام ، لأنّ هذا معلوم الخمرية بالاعتبار ، فيشمله حكمه ، من الاجتناب عنه وغير ذلك ، وهذا هو معنى قيام الامارة مقام القطع الموضوعي.
ولكن تحقيق الحال في كلام الميرزا «قده» ، هو أنّ هذا الاعتبار ، وهو اعتبار الظن علما ، لو كان يحقّق ورودا ـ بالمعنى المعروف من الورود في موارد الجمع العرفي ـ على قاعدة قبح العقاب بلا بيان. وعلى دليل الحكم المترتب على القطع ـ بمعنى أنّه يرفع موضوع هذا القاعدة حقيقة وينقح موضوعها ـ لو كان كذلك ، لتم ما أفاده.
وتوضيحه : إنّه ذكر في بحث التعادل والتراجيح ، انّ الدليل الوارد ، هو عبارة عن الدليل الّذي يحقّق موضوع الدليل المورود وجدانا ، أو يرفعه بواسطة التعبّد ، وفي مقابله الدليل الحاكم ، وهو الّذي لا يرفع الموضوع للدليل المحكوم ولا يحقّقه كذلك وجدانا ، بل بالتعبّد والعناية من قبيل ، «الطواف في البيت صلاة» ، وحينئذ نقول :
لو كان موضوع قاعدة القبح هو عدم البيان بالمعنى الأعم من