القطع الطريقي التصديقي حقيقة وهو عبارة عن إبراز شدّة اهتمام المولى بالتكليف الواقعي المشكوك ، لما قلناه سابقا ، من أنّ كل دليل حجيّة لا يكون منجزا أو منشأ للحجيّة إلّا بتوسط كونه ذا مدلول تصديقي ، أي أنّه مبرزا لشدّة اهتمام المولى بالتكليف الواقعي المشكوك ، فالمدلول التصديقي لدليل الحجيّة هو إبراز ذلك وهو الأول وإن فرض كون مفاده الجعل النفسي والحكم الواقعي النابع من ملاكات في متعلق الحكم فيكون المدلول التصديقي لدليل إقامة الامارة مقام القطع الموضوعي هو الثاني وهو جعل الحكم الواقعي على طبق الامارة كما كان مجعولا على طبق القطع ، ومن الواضح أنّ هذين مدلولان تصديقيان متغايران لا يصح عرفا أن يكونا لخطاب ودليل واحد ، حيث يكون تنزيل واحد كاشفا عنهما معا كشف تصديقيا جديا ، فإنّ هذا أمر غير عرفي ، إذ أنّ دليل الجعل الواحد يكشف عرفا عن سنخ مدلول تصديقي واحد أيضا لا عن سنخين.
إذن فالإشكال ليس بلحاظ مرحلة المدلول التصوري ، وليس بلحاظ الجمع بين اللحاظين ، الآلي والاستقلالي ، كما أنّه ليس باعتبار الجمع بين الكناية والصراحة ، بل لو فرض أنّهما معا كنائيان أو صريحان ، إلّا أنّهما مدلولان تصديقيان متباينان عرفا ، ولا معنى لأن نفرض أنّ كلاما واحدا له ذلك ، فمثلا : قوله عليهالسلام «يعيد» ، تارة يكون إخبارا عن الإعادة ، وأخرى يكون أمرا بالإعادة ، فهذا لا محذور فيه في مرحلة المدلول التصوري ، بل المحذور فيه إنّما هو في مرحلة المدلول التصديقي.
والحاصل : هو أنّ المدلول التصديقي في موارد قيام الامارة مقام القطع الطريقي هو مدلول إخباري ، بينما هو في موارد قيامها مقام القطع الموضوعي هو مدلول إنشائي ، فالجمع بينهما في خطاب واحد على