حيث يقال حينئذ بعبارة واحدة ، «نزّلت هذا بمنزلة ذلك» ، فيكون تنزيل كلّي ينحل إلى تنزيلين ، تنزيل الظن منزلة القطع ، والمظنون منزلة المقطوع ، لأنّ المفهوم المنزل له فردان ، والمنزل عليه له فردان ، فينحل هذا التنزيل إلى تنزيلين.
ثمّ قال «قده» (١) : إنّ هذا غير موجود ، إذ لا جامع من هذا القبيل.
إذن : فهذا التصوير غير تام ، وبهذا يتبرهن استحالة وفاء لسان واحد ومفاد فارد على إقامة الامارة مقام القطع الطريقي والموضوعي معا.
وبعد أن عرفت برهان استحالة قيام الامارة مقام القطع الطريقي والموضوعي معا ، ينبغي أن يعلم ، إنّ هذا الإشكال الثبوتي في قيام الامارة مقام القطع الموضوعي بهذا النحو ، إنّما هو فيما إذا لم نستظهر ـ من الدليل الّذي يرتب الحكم على القطع ـ انّ القطع قد أخذ في الموضوع بما هو حجّة ، بلا دخل الكاشفية التامة في ذلك.
فإذا استظهرنا من دليل ترتب الحكم على القطع ، انّ القطع لم يؤخذ باعتبار كاشفيته التامة وطريقيّته الّتي لا يبقى معها احتمال الخلاف ، بل أخذ في الموضوع بما هو حجّة ومنجز ومعذّر ، فإذا استظهرنا ذلك من دليل الحكم المترتب على القطع ، فلا إشكال حينئذ في قيام الامارة مقام القطع الموضوعي ـ بنفس دليل تنزيلها ـ منزلة القطع الطريقي ، بلا حاجة إلى جعل تنزيل آخر ، لتصل النوبة إلى البحث عن انّ هذين التنزيلين هل يمكن إفادتهما بصيغة واحدة أو لا ، بل من الواضح حينئذ أنّ تنزيل الامارة منزلة القطع الطريقي وحده يحقّق فردا
__________________
(١) المصدر السابق.