١ ـ البيان الأول : وهو الّذي سلكناه في التعبير عن مثل هذه العناية الموهومة في المقام ، وذلك بأن يقال : انّ الخطاب إذا فرض أنّ موضوعه كان هو الخمر الواقعي ، فهذا معناه ، استبطان متعلّق التكليف للمصادفة ، إذ من الواضح انّ هذا لا يكون شرب خمر واقعي إلّا في فرض المصادفة ، بحيث لو صادف الواقع يكون حينئذ متعلقا للتكليف ، وإلّا فلا ، والمصادفة باعتبارها أمرا غير اختياري كما تقدّم ، إذن فلا يعقل أخذها في متعلق التكليف ، إذن ، فلا يعقل القول بأنّ شرب الخمر الّذي يكون مصادفا للواقع حرام لعدم اختيارية المصادفة ، وحينئذ ، لا بدّ وأن يكون متعلق التكليف معرّى عن قيد المصادفة ، ومعنى ذلك : أنّ التكليف متعلق بالجامع بين المصادفة وغيرها ، وهذا الغير يشمل مقطوع الخمرية عند المتجري.
وهذا البيان هو صورة مغالطة.
وحلّها هو أن يقال : انّ المصادفة لا تؤخذ متعلقا للتكليف ، بحيث يكلّف الإنسان بأن يكون خمره خمرا حقّا ، ولكن المصادفة تؤخذ موضوعا للتكليف وشرطا ، ويصاغ هذا بشكل القضية الشرطية فيقال : إذا كان ما تراه خمرا ، مصادفا للواقع ، فهو حرام ، فالمصادفة الراجعة إلى مفاد كان الناقصة لا يتعلّق بها التكليف ، بل يتعلّق بمفاد كان التامة ، فالمصادفة الّتي تؤخذ في مفاد كان الناقصة تؤخذ شرطا في التكليف بنحو مفاد كان التامة كما عرفت ، وحينئذ ، لا يلزم أن يكون التكليف تكليفا بالمصادفة ، وبالتالي بأمر غير اختياري.
٢ ـ البيان الثاني : وقد نقله الميرزا «قده» (١) ، وبيانه يتوقف على شرح بعض مصطلحات الميرزا «قده» ، وعنده هنا ثلاثة أمور :
__________________
(١) فوائد الأصول : الكاظمي ، ج ٢ ، ص ١٥ ـ ١٦.