لأن الاستفهام عن الفعل ، فتضمر فعلا ، بين الألف وبين «أن» ، تقديره : أتذيعون أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم؟ أو أتشيعون؟ أو أتذكرون ، ونحو هذا مما دل عليه الإنكار الذي قصدوا اليه بلفظ الاستفهام ، ودل على قصدهم لهذا المعنى قوله تعالى عنهم فيما قالوا لأصحابهم (أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ) ٢ : ٧٦ ، يعنون : أتحدثون المسلمين بما وجدتم من صفة نبيهم فى كتابهم ليحاجوكم به عند ربكم.
و «أحد» ، فى قراءة من مد ، بمعنى : واحد ، وانما جمع فى قوله «أو يحاجوكم به» لأنه رده على معنى «أحد» ، لأنه بمعنى الكثرة ، ولكن «أحد» ، إذ كان فى النفي أقوى فى الدلالة على الكثرة منه إذا كان فى الإيجاب ، حسن دخول «أحد» بعد لفظ الاستفهام ، لأنه بمعنى الإنكار والحجة ، فدخلت «أحد» بعد الحجة الملفوظ بها ، فيصلح أن تكون على أصلها فى العموم ، وليست بمعنى «واحد».
٧٥ ـ (وَمِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ
مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِماً)
«دمت» : من ضم الدال جعله : فعل يفعل ، مثل : قال يقول ، ودام يدوم ؛ ومن كسر الدال ، جعله : فعل يفعل ، مثل خاف يخاف ، على دام يدام ، وكذلك «مت» فيمن كسر الميم أو ضمها.
٧٨ ـ (وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ)
«يلوون» : قرأ حميد : بواو واحدة مع ضم اللام ، وأصل هذه القراءة : يلوون ، ثم همز الواو الأولى لانضمامها ، ثم ألقى حركة الهمزة على اللام على أصل التخفيف المستعمل فى كلام العرب.
٨٠ ـ (وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْباباً أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ
بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)
«ولا يأمركم أن تتّخذوا» : من نصب «يأمركم» عطفه على «أن يؤتيه الله» الآية : ٧٩ ، وعلى «ثم يقول» الآية : ٧٩ ، والضمير فى «يأمركم» ل «بشر» الآية : ٧٩.
ومن رفعه قطعه مما قبله. أو جعل «لا» بمعنى «ليس» ، ويكون الضمير فى «يأمركم» لله جل ذكره.
٨١ ـ (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ
ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ)
«لما» : من كسر اللام ـ وهو حمزة ـ علقها ب «الأخذ» ؛ أي : أخذ الله الميثاق لما أعطوا من الكتاب والحكمة ، لأن من أوتى ذلك فهو الأفضل وعليه يؤخذ الميثاق. و «ما» بمعنى «الذي».