وقيل : إنما رفع ،
لأنه جاء على لغة بلحارث ، الذين يقولون : رأيت الزيدان ، بالألف.
وقيل : «إن» ،
بمعنى : نعم.
وقيل : إن خبر «إن»
مضمر ، دل عليه الثاني ؛ فالعطف ب «الصابئين» إنما أتى بعد تمام الكلام وانقضاء
اسم «إن» وخبرها ؛ وإليه يذهب الأخفض ، والمبرد.
ومذهب سيبويه : أن
خبر الثاني هو المحذوف ، وخبر «إن» هو الذي فى آخر الكلام ، يراد به التقديم قبل :
«الصابئين» ، فيصير العطف على الموضع بعد خبر «إن» فى المعنى.
٧١ ـ (وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ
فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تابَ اللهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا
وَصَمُّوا
كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَاللهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ)
«وحسبوا أن لا
تكون فتنة» : من رفع «تكون» جعل «إن» مخففة من الثقيلة ، وأضمر معها الهاء ، و «تكون»
خبر «أن» وجعل «حسبوا» بمعنى : أيقنوا ؛ لأن «أن» للتأكيد ، والتأكيد لا يجوز إلا
مع اليقين ، فهو نظيره وعديله ، و «أن» فى موضع نصب ب «حسب» ، سدت مسد مفعولى «حسب»
؛ تقديره : أنه لا تكون فتنة.
وحق «أن» أن تكتب
منفصلة على هذا التقدير ، لأن الهاء المضمرة تحول بين «أن» ولام «لا» فى المعنى ،
فيمتنع اتصالها باللام.
ومن نصب «تكون»
جعل «أن» هى الناصبة للفعل ، وجعل «حسب» بمعنى : الشك ، لأنها لم يتبعها تأكيد ،
لأن «أن» الخفيفة ليست للتأكيد إنما هى لأمر يقع وقد لا يقع ، فالشك نظير ذلك
وعديله ، والمشددة إنما تدخل لتأكيد وقع وثبت ، فلذلك كان «حسب» ، مع «أن» المشددة
لليقين ، ومع الخفيفة للشك ؛ ولو كان قبل «أن» فعل لا يصلح للشك لم يجز أن تكون
إلا مخففة من الثقيلة ، لم يجز نصب الفعل بها ، قوله (أَفَلا يَرَوْنَ
أَلَّا يَرْجِعُ) ٢٠ : ٨٩ ، و (عَلِمَ أَنْ
سَيَكُونُ) ٧٣ : ٢ ، و «لا» و «السين» عوض من حذف تشديد «أن».
ولو وقع قبل «أن»
فعل لا يصلح إلا لغير الإثبات لم يجز فى الفعل إلا النصب ، نحو قولك : طمعت أن
تقوم ، وأشفقت أن تقوم ، وأخشى أن تقوم ؛ هذا لا يجوز فيه إلا النصب بعد «أن» ،
ولا تكون «أن» معه مخففة من الثقيلة.
فهذه ثلاثة أقسام
: