و «عبد» أصله الصفة ؛ ولكنه استعمل فى هذا استعمال الأسماء ، وجرى فى بناء الصفات على أصله ، كما استعملوا الأبطح والأبرق استعمال الأسماء ، وكسرا تكسيرا الأسماء ، فقيل : الأباطح والأبارق ، ولم يصرفا ، كأحمر ، وأصلهما الصفة.
٦١ ـ (وَإِذا جاؤُكُمْ قالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ وَاللهُ أَعْلَمُ
بِما كانُوا يَكْتُمُونَ)
«وقد دخلوا بالكفر» : فى موضع الحال ، وكذلك : «به» ، والمعنى : دخلوا كافرين وخرجوا كافرين ، لم يخبر عنهم أنهم دخلوا حاملين شيئا ، إنما أخبر عنهم أنهم دخلوا معتقدين كفرا.
٦٤ ـ (وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَكُفْراً وَأَلْقَيْنا بَيْنَهُمُ
الْعَداوَةَ ، وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللهُ)
«ما أنزل» : ما ، فى موضع رفع بفعله ، وهو : ليزيدن ، و «كلما» ظرف ، والعامل فيه «أطفأها» ، أو فيه معنى الشرط ، «فلا بد له من جواب» ، وجوابه : «أطفأها»
٦٩ ـ (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصارى مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ
الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)
«والصّابئون» : مرفوع على العطف على موضع «إن» وما عملت فيه ، وخبر «إن» منوى قبل «الصابئين» ، فلذلك جاز العطف على الموضع ؛ والخبر هو «من آمن» ، فنوى به التقديم ، فحق : «والصائبون والنصارى» إن وقع بعد «يحزنون» ؛ وإنما احتيج إلى هذا التقدير ؛ لأن العطف فى «إن» على الموضع لا يجوز إلا بعد تمام الكلام وانقضاء اسم «إن» وخبرها ، فتعطف على موضع الجملة.
وقال الفراء : هو عطف على المضمر فى «هادوا» ، وهو غلط ؛ لأنه يوجب أن يكون الصابئين والنصارى : يهودا ؛ وأيضا فإن العطف على المضمر المرفوع قبل أن تؤكده ، أو تفصل بينهما بما يقوم مقام التأكيد ، قبيح عند بعض النحويين.
وقيل : «الصابئون» مرفوع على أصله قبل دخول «إن»
وقيل : إنما رفع «الصابئون» لأن «إن» لم يظهر لها عمل فى «الذين» ، فبقى المعطوف مرفوع على أصله قبل دخول «إن» على الجملة.