سورة النّمل
بسم الله الرّحمن الرّحيم
ـ (وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ وَقالَ يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ) [النمل : ١٦].
[ههنا أمران :
الأوّل : إن سأل سائل فقال :] ما القول في الأخبار الواردة في عمدة كتب من الأصول والفروع بمدح أجناس من الطير والبهائم والمأكولات والأرضين ، وذمّ أجناس منها كمدح الحمام والبلبل والقنبر والحجل والدّرّاج وما شاكل ذلك من فصيحات الطير ؛ وذمّ الفواخت والرّخم ؛ وما يحكى من أنّ كلّ جنس من هذه الأجناس المحمودة ينطق بثناء على الله تعالى وعلى أوليائه ، ودعاء لهم ، ودعاء على أعدائهم ؛ وأنّ كلّ جنس من هذه الأجناس المذمومة ينطق بضدّ ذلك من ذمّ الأولياء عليهمالسلام ، وكذمّ الجرّيّ (١) وما شاكله من السمك ، وما نطق به الجرّي من أنّه مسخ بجحده الولاية ، وورود الآثار بتحريمه لذلك ؛ وكذم الدّبّ والقرد والفيل وسائر المسوخ المحرّمة ؛ وكذمّ البطّيخة التي كسرها أمير المؤمنين عليهالسلام فصادفها مرّة فقال : «من النار إلى النار» ، ورمى بها من يده ، ففار من الموضع الذي سقطت فيه دخان ؛ وكذمّ الأرضين السّبخة ، والقول بأنّها جحدت الولاية أيضا. وقد جاء في هذا المعنى ما يطول شرحه ؛ وظاهره مناف لما تدلّ العقول عليه من كون هذه الأجناس مفارقة لقبيل ما يجوز تكليفه ، ويسوغ أمره ونهيه.
__________________
(١) الجرّيّ : ضرب من السماك.