سورة طه
بسم الله الرّحمن الرّحيم
ـ (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) [طه : ٥].
وفي موضع آخر (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) (١) ، المراد به الاستيلاء ، كما يقال : «استوى فلان على كذا» أي استولى عليه ، قال الشاعر :
فلمّا علونا واستوينا عليه |
|
تركناهم صرعى كسير وكاسر |
قيل : إنّ العرش هاهنا الملك واستشهد بقول الشاعر :
إذا ما بنو مرون ثلّث عروشهم |
|
وأوذوا كما أوذت أياد وحمير (٢) |
وقيل : بل هو الله الذي أخبر الله تعالى بأنّ الملائكة تحمله ، وإنّما خصّه بالذكر مع استيلائه تعالى على كلّ شيء ، من حيث كان أعظم شيء خلقه ، وإذا كان مستوليا على الأعظم ، فبأن يكون مستوليا على الأصغر أولى ، كما خصّ العالمين بقوله تعالى : (رَبِّ الْعالَمِينَ) (٣) من حيث كانوا أعظم الخلق وأشرفه ، وإن كان ربّ كلّ شيء.
وقوله : (ثُمَّ اسْتَوى) المراد به ثمّ خلق العرش وهو مستو عليه ، أي مستولي ، كما قال تعالى : (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ) (٤) أي حتّى تجاهدوا ونحن نعلم ذلك ، ومجاز هذا مشهور في اللغة.
وقيل أيضا : لا يمتنع أن يريد بقوله جلّ وعزّ : (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ
__________________
(١) سورة يونس ، الآية : ٣.
(٢) تصحيح الاعتقاد : ٥٩.
(٣) سورة الفاتحة ، الآية : ٢.
(٤) سورة محمّد ، الآية : ٣١.