المبحث السادس
لكل سؤال جواب في سورة «الشورى» (١)
قال سبحانه : (كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (٣).
ـ ما الحكمة من قوله تعالى (يُوحِي) والوجه الظاهر أن يقال : «أوحى»؟
إنما قال ذلك ليدل على أن إيحاء مثل القرآن الكريم من عادته سبحانه.
وقال : (وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللهِ مِنْ بَعْدِ ما اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ داحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ) [الآية ١٦].
ـ الوجه المعهود ان يقال «حجتهم مدحوضة» ، أي ضعيفة وزالقة وزالّة وغير متماسكة ، وأن يقال : «شبهتهم داحضة» ، فلم قال تعالى : (حُجَّتُهُمْ داحِضَةٌ).
إنما قال تعالى : (داحِضَةٌ) ليكون أبلغ في ضعف سنادها ، ووهاء عمادها ، فكأنها هي المبطلة لنفسها من غير مبطل أبطلها ، لظهور أعلام الكذب فيها ، وقيام شواهد التهافت عليها.
وإنما قال سبحانه : (حُجَّتُهُمْ) ولم يقل : «شبهتهم» لاعتقادهم أنّ ما أدلوا به حجّة ، ولتسميتهم لها بذلك في حال النزاع والمناقلة.
وقال جلّ من قائل : (مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ) (٢٠).
ـ لم عبر سبحانه بالحرث عن نفع الدنيا ونفع الآخرة؟
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «أضواء على متشابهات القرآن» ، للشيخ خليل ياسين ، دار مكتبة الهلال ، بيروت ، ١٩٨٠ م.