المبحث السابع
المعاني المجازية في سورة «الأحقاف» (١)
في قوله تعالى : (ائْتُونِي بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (٤). استعارة على أحد التأويلات. وهو أن يكون معنى : (أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ) أي شيء يستخرج من العلم بالكشف والبحث ، والطّلب والفحص ، فتثور حقيقته ، وتظهر خبيئته ، كما تستثار الأرض بالمحافر ، فيخرج نباتها ، وتظهر نثائلها (٢). أو كما يستثار القنيص من مجاثمه ، ويستطلع من مكامنه.
وسائر التأويلات في الآية تخرج الكلام عن حيّز الاستعارة. مثل تأوّلهم ذلك على معنى خاصّة (٣) من علم. أي بقيّة من علم ، وما يجري هذا المجرى.
وأنشد أبو عبيدة للراعي (٤) في صفة ناقة :
وذات أثارة أكلت عليها نباتا في أكمّته قفارا أي ذات بقيّة من شحم رعت عليها
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب : «تلخيص البيان في مجازات القرآن» للشريف الرضي ، تحقيق محمد عبد الغني حسن ، دار مكتبة الحياة ، بيروت ، غير مؤرّخ.
(٢). النثائل : جمع نثيلة ونثالة ، وهي التراب المستخرج من الحفر.
(٣). الخاصة : البقيّة من الشيء.
(٤). هو الراعي النميري حصين بن معاوية. ولقب بهذا اللقب لأنه كان يصف راعي الإبل في شعره ، وكان معاصرا للشاعر جرير في العصر الأموي ، ودخل معه في مهاجاة لأنه اتهمه بالميل الى الفرزدق. والبيت في «مقاييس اللغة» لأحمد بن فارس ج ـ ١ ص ٥٦ بتحقيق الأستاذ عبد السلام محمد هارون. وقد ورد في المقاييس هكذا :
وذات أثارة أكلت عليها |
|
نباتا في أكمّته تؤاما |