لأن حرث الآخرة والدنيا كدح الكادح لثواب الآجلة ، وحطام العاجلة ، وذلك لأن الحارث المزدرع إنّما يتوقع عاقبة حرثه فيجني ثمرة غراسه ، ويفوز بعوائد ازدراعه ، كما قال الشريف الرضي.
ولم قال سبحانه : (وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها) [الآية ٢٠] ولم يقل ، منه؟
إنما صح تأنيث الضمير لأن لفظة «حرث» في معرض الحذف ، ويصح حلول ما بعدها محلها ، فيكون الضمير عائدا على الجزء الثاني وهو «الدنيا» فكأنه سبحانه قال «من كان يريد الدنيا نؤته منها» ويدل عليه قول ابن مالك في منظومته :
وربما أكسب ثان أوّلا |
|
تأنيثه إن كان حذف موهلا |
وكما في قوله تعالى : (إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) (٥٦) [الأعراف] أي إن الله قريب.
وقال تعالى : (وَلَوْ لا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٢١).
ـ ما هي كلمة الفصل التي منعت من القضاء بينهم؟
كلمة الفصل هي القضاء السابق ، بتأجيل العقوبة لهذه الأمة ، الى الآخرة ، وهي الكلمة الواردة في [يونس / ١٩] و [هود / ١١٠] ، و [طه / ١٢٩] : (وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ).
وقال : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) [الآية ٢٣].
ـ من هم هؤلاء وما هي مودتهم ، وما معنى (فِي الْقُرْبى)؟
أما قوله تعالى (فِي الْقُرْبى) فمعناه أنهم جعلوا مكانا للمودّة ومقرّا لها ، كقولك : لي في آل فلان مودّة ، ولي فيهم هوى وحبّ. وأما أهل القربى ، فهم عليّ وأبناؤه الميامين عليهمالسلام ، وفي ذلك تواترت الأحاديث عن الرسول (ص) نذكر بعضا منها تيمّنا ، عن الكشاف ، والصواعق المحرقة وغيرهما.
روي أنه لما نزلت ، قيل يا رسول الله : من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم ، قال هم علي وفاطمة وابناهما.
وورد عنه (ص) أنّه قال : ألا ومن