المبحث السادس
لكل سؤال جواب في سورة «الزخرف» (١)
إن قيل : لم قال تعالى : (إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا) [الآية ٣] ولم يقل قلناه أو أنزلناه ، والقرآن ليس بمجعول ، لأنّ الجعل هو الخلق ، ومنه قوله تعالى : (وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ) [الأنعام / ١] وقوله تعالى : (فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى) (٣٩) [القيامة].
قلنا : الجعل أيضا يأتي بمعنى القول ، ومنه قوله تعالى : (وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ) [النحل / ٥٧] وقوله تعالى : (وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً) [إبراهيم / ٣٠] أي قالوا ووصفوا ، لا أنهم خلقوا كذلك هنا.
فإن قيل : لم قال تعالى : (وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا) [الآية ٤٥] والنبي (ص) ما لقيهم حتّى يسألهم؟
قلنا : فيه إضمار تقديره : واسأل أتباع من ، أو أمّة من أرسلنا من قبلك. الثاني : أنه مجاز عن النظر في أديانهم ، والبحث عن مللهم ، هل فيها ذلك. الثالث : أن النبي (ص) حشر له الأنبياء عليهمالسلام ليلة المعراج ، فلقيهم ، وأمّهم في مسجد بيت المقدس ، فلمّا فرغ من الصلاة نزلت عليه هذه الآية ، والأنبياء حاضرون ، فقال لا أسال قد كفيت ، وقيل إنه خطاب له ، والمراد به أمّته.
فإن قيل : لم قال الله تعالى : (وَما نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِها) [الآية ٤٨] يعني الآيات التسع
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي ، مكتبة البابي الحلبي ، القاهرة ، غير مؤرّخ.