أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (١٥).
وهذا النموذج ، الذي نشاهده في الآية ، نموذج للفطرة المستقيمة التي ترعى أصلها وتتعهد ذريتها ، وهذا النموذج يقبل الله عمله ويحشره في أصحاب الجنة.
أما النموذج الثاني ، فهو نموذج الانحراف والفسوق والضلال ، نموذج ولد عاق يجحد معروف والديه وينكر البعث والجزاء ويقول (ما هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) (١٧).
وهذا النموذج جدير بالخسران : لقد خسر اليقين والإيمان في الدنيا ، ثم خسر النّعيم والرّضوان في الآخرة.
وينتهي هذا المقطع من السورة بعرض هذين النموذجين ومصيرهما في النهاية ؛ ثم يعرض مشهدا من مشاهد القيامة حيث يعرض المتكبّرون على النار ؛ وفي ذلك المشهد نرى الغائب شاهدا ماثلا يستحثّ النّفوس على الهدى ، ويستجيش الفطر السليمة القوية لارتياد الطريق الواصل المأمون.
٣ ـ قصة عاد
يتناول المقطع الثالث من السورة قصة عاد وهم قوم نبي الله هود (ع) ، ويشمل الآيات [٢٠ ـ ٢٨].
والقصة هنا تخدم الفكرة وتؤيّدها : فقد أنكر أهل مكة رسالة النبي محمد (ص) ، وأعرضوا عن دعوته. فجاء هذا المقطع يذكّرهم بأشباههم ، وينذرهم أن يصيبهم ما أصاب السابقين.
(وَاذْكُرْ أَخا عادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقافِ) [الآية ٢١]. وأخو عاد هو هود عليهالسلام ، دعا قومه إلى التوحيد وحذّرهم من عذاب الله.
والأحقاف جمع حقف ، وهو الكثيب المرتفع من الرّمال ، وقد كانت منازل عاد على المرتفعات المتفرّقة في جنوب الجزيرة ، يقال في حضرموت.
وقد أنذر أخو عاد قومه ودعاهم الى عبادة الله وحده ، وحذرهم بطشه وانتقامه. ولم تؤمن عاد برسالة هود (ع) ، وقابلت دعوته بسوء الظن وعدم الفهم والتحدي والاستهزاء ، واستعجال العذاب الذي ينذرهم به. فلما رأوا العذاب ، في صورة سحابة ،