المبحث الثامن
المعاني المجازية في سورة «محمّد» (ص) (١)
١ ـ في قوله سبحانه : (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها) [الآية ٤] استعارة. والمراد بالأوزار هاهنا الأثقال ، وهي آلة الحرب وعتادها من الدروع والمغافر والرّماح والمناصل وما يجري هذا المجرى : لأنّ جميع ذلك ثقل على حامله ، وشاقّ على مستعمله. وعلى هذا قول الأعشى :
وأعددت للحرب أوزارها |
|
رماحا طوالا وخيلا ذكورا |
ومن نسج داوود موضونة (٢) |
|
تساق مع الحيّ عيرا فعيرا |
والمراد بذلك في الظاهر الحرب ؛ وفي المعنى أهل الحرب ، لأنهم الذين يصح وصفهم بحمل الأثقال ووضعها ، ولبس الأسلحة ونزعها.
٢ ـ وفي قوله سبحانه : (فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللهَ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ) (٢١) استعارة : لأن العزم لا يوصف بحقيقته إلّا الإنسان المميّز الذي يوطّن النفس على فعل الأمر قبل وقته عقدا بالمشيئة على فعله ، فيصحّ أن يسمّى عازما عليه ، وإنما قال تعالى : (عَزَمَ الْأَمْرُ) مجازا أي قويت العزائم على فعله ، فصار كالعازم في نفسه. وقال بعضهم معنى عزم الأمر أي جدّ الأمر ، ومنه قول النابغة الذّبياني :
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب : «تلخيص البيان في مجازات القرآن» للشريف الرضي ، تحقيق محمد عبد الغني حسن ، دار مكتبة الحياة ، بيروت ، غير مؤرّخ.
(٢). من وضن : الدرع المقاربة النسج ، أو المنسوجة بالجواهر.