المبحث الأول
أهداف سورة «الزخرف» (١)
سورة الزخرف سورة مكيّة نزلت بعد سورة «الشورى». وقد نزلت في الفترة الأخيرة من حياة المسلمين في مكّة بعد الإسراء وقبيل الهجرة ، وقد سمّيت بسورة «الزخرف» ، لقوله تعالى فيها :
(وَزُخْرُفاً وَإِنْ كُلُّ ذلِكَ لَمَّا مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ) (٣٥).
أفكار السورة
تعرض هذه السورة جانبا ممّا كانت الدعوة الإسلامية تلاقيه من مصاعب وعقبات ، ومن جدال واعتراضات ، وتعرض معها كيف كان القرآن الكريم يعالجها في النفوس ، وكيف يقرّر في ثنايا علاجها حقائقه وقيمه في مواجهة الخرافات والوثنيات والقيم الجاهلة الزائفة ، التي كانت قائمة في النفوس إذ ذاك ، ولا يزال جانب منها قائما في النفوس في كلّ زمان ومكان.
وقال الفيروزآبادي : معظم مقصود سورة «الشورى» هو : «بيان إثبات القرآن في اللوح المحفوظ ، وإثبات الحجّة والبرهان على وجود الصانع ، والردّ على عبّاد الأصنام الذين قالوا : الملائكة بنات الله سبحانه ، والمنّة على الخليل إبراهيم (ع) بإبقاء كلمة التوحيد في عقبه ، وبيان قسمة الأرزاق ، والإخبار عن حسرة الكفار وندامتهم يوم القيامة ، ومناظرة فرعون وموسى ، ومجادلة عبد الله بن الزبعري للمؤمنين بحديث عيسى (ع) ، وادعاؤه أن
__________________
(١). انتقي هذا الفصل من كتاب «أهداف كلّ سورة ومقاصدها» ، لعبد الله محمود شحاته ، الهيئة العامة للكتاب ، القاهرة ، ١٩٧٩ ـ ١٩٨٤.