أيّ مؤثّر من ضعف أو مراعاة قرابة أو رعاية مصلحة ، ودونما بخل بالمال الذي لا يكلّفهم الله أن ينفقوا منه إلا في حدود مستطاعة ، مراعيا الشّحّ الفطريّ في النفوس. وإذا لم ينهضوا بتكاليف هذه الدعوة ، فإنّ الله يحرمهم كرامة حملها والانتداب لها ، ويستبدل بهم قوما غيرهم ينهضون بتكاليفها ، ويعرفون قدرها ، وهو تهديد عنيف مخيف يناسب جوّ السورة ، كما يشي بأنه كان علاجا لحالات نفسية قائمة في صفوف المسلمين إذ ذاك ، من غير المنافقين ؛ وذلك الى جانب حالات التفاني والتجرد والشجاعة والفداء التي اشتهرت بها الروايات ، فقد كان في الجماعة المسلمة هؤلاء وهؤلاء. وكان القرآن يعالج ويربّي لينهض بالمتخلفين الى المستوي العالي الكريم.
مقصود السورة اجمالا
قال الفيروزآبادي : معظم مقصود سورة «محمد» (ص) : «الشكاية من الكفّار في إعراضهم عن الحق ، وذكر آداب الحرب والأسرى وحكمهم ، والأمر بالنصرة والإيمان ، وابتلاء الكفّار في العذاب ، وذكر أنهار الجنة : من ماء ولبن وخمر وعسل ؛ وذكر طعام الكفار وشرابهم ؛ وظهور علامة القيامة ؛ والشكاية من المنافقين ؛ وتفصيل ذميمات خصالهم ؛ وأمر المؤمنين بالطاعة والإحسان ؛ وذم البخلاء في الإنفاق ؛ وبيان استغناء الحق تعالى وفقر الخلق ، في قوله جلّ وعلا (وَاللهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ) [الآية ٣٨].