أي : أغري به ، فهو يقوله ويصنعه.
وقال تعالى : (ذلِكَ جَزاءُ أَعْداءِ اللهِ النَّارُ) [الآية ٢٨] بالرفع على الابتداء كأنه تفسير للجزاء.
وقال سبحانه : (أَلَّا تَخافُوا) [الآية ٣٠] أي بأن لا تخافوا.
وقال تعالى : (نُزُلاً) [الآية ٣٢] على تقدير أن السياق قد شغل (وَلَكُمْ) ب (ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ) [الآية ٣١] حتّى صارت بمنزلة الفاعل ، وهو معرفة ، وقوله تعالى : (نُزُلاً) ينتصب على «نزّلنا نزلا» (١) نحو قوله سبحانه : (رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ) [الإسراء / ٨٧] و [الكهف / ٨٢] و [القصص / ٤٦] و [الدخان / ٦].
وقال تعالى : (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ) [الآية ٣٤] يقال : «لا يستوي عبد الله ولا زيد» إذا أردت : لا يستوي عبد الله وزيد» لأنهما جميعا لا يستويان. وان شئت قلت إن الثانية زائدة تريد : لا يستوي عبد الله وزيد. فزيدت «لا» توكيدا كما قال سبحانه : (لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ) [الحديد / ٢٩] أي لأن يعلم. وكما قال تعالى : (لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ) (١) [القيامة].
وقال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جاءَهُمْ) [الآية ٤١] فزعم بعض المفسّرين أن خبره (أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ) (٤٤) ؛ وقد يجوز أن يكون على الأخبار التي في القرآن ، يستغنى بها كما استغنت أشياء عن الخبر ، إذا طال الكلام وعرف المعنى ، نحو قوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ) [الرعد / ٣١] وما أشبهه. وحدّثني شيخ من أهل العلم قال : «سمعت عيسى بن عمر (٢) يسأل عمرو ابن عبيد (٣)» : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جاءَهُمْ) أين خبره؟» فقال عمرو : «معناه في التفسير : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جاءَهُمْ) كفروا به (وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ) (٤١) فقال عيسى : «جاءت يا أبا عثمان».
__________________
(١). نقله في إعراب القرآن ٣ / ١٠٢٢.
(٢). هو عيسى بن عمر الثقفي ، وقد مرت ترجمته.
(٣). هو عمرو بن عبيد ، أبو عثمان البصري المتوفى سنة ١٤٤ ، وهو أحد العباد الزهّاد ، ترجم له في طبقات القراء ١ / ٦٠٢.