حيّاك ودّ فإنا لا يحلّ لنا لهو النساء لأنّ الدّين قد عزما أي استحكم وجدّ وقوي واشتدّ.
٣ ـ وفي قوله تعالى : (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها) (٢٤) استعارة. والمراد أن قلوبهم كالأبواب المقفلة لا تنفتح لوعظ واعظ ، ولا يلج فيها عذل عاذل. وفي لغة العرب أن يقول القائل ، إذا وصف نفسه بضيق الصدر وتشعّب الفكر : قلبي مقفل ، وصدري ضيّق. وإذا وصف غيره بضدّ هذه الصفات ، قال : انفتح قلبه وانفسح صدره ؛ وقد يجوز أن يكون المعنى أنّ أسماعهم لا تعي قولا ولا تسمع عذلا ؛ وإنما شبّهت الأسماع بالأقفال على القلوب لأنها أبواب عليها. فإذا عرضت على الأسماع كانت كالأقفال الموثقة والأبواب المغلقة.
٤ ـ وفي قوله تعالى : (وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ) (٣٥) ، استعارة : ومعناها مأخوذ من الوتر ، وهو ما ينقصه الإنسان من مال أو دم وما أشبههما ظلما ، فيكسبه ذلك عداوة لفاعله وإرصادا بالمكروه لمستعمليه ، فكأنّه تعالى قال : «ولن ينقصكم ثواب أعمالكم ، أو لن يظلمكم في الجزاء على أعمالكم ؛ فيكون بمنزلة من أودعكم ترة وأطلبكم طائلة». وقال الأخفش عن قوله تعالى (وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ) (٣٥) : أي في أعمالكم ، كما نقول دخلت البيت ، والمراد دخلت في البيت.