ويكفي من الكتاب قوله تعالى (قُلْ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ) ، دلّ على أنّ ما ليس باذن من الله من إسناد الحكم الى الشارع فهو افتراء ؛
______________________________________________________
الحجّتين الذين جعلهما الله تعالى ، فهو حجّة باطنة ، كما انّ الأنبياء حجّة ظاهرة.
المراد من : «إنّ دين الله لا يصاب بالعقول» (١) غير المورد الّذي ذكرناه ، فان مثل كشف العقل : عن حرمة سبّ الابوين ، من قوله سبحانه : (فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍ)(٢) ، يكون حجة ، فيكون حراما شرعا ، إلى غير ذلك.
والحاصل : انّ ما يراه العقل قبيحا بحيث يمنع من النقيض ، يكون حراما ، او حسنا بحيث يمنع من النقيض يكون واجبا ، أو قبيحا لا يمنع من النقيض يكون مكروها ، أو حسنا كذلك ، يكون مستحبا ، للتلازم بين حكم العقل والشرع في سلسلة العلل ـ كما تقدّم الإلماع اليه ـ.
(ويكفي من الكتاب) الحكيم (قوله تعالى) في ذم الّذين حرّموا بعض ما احلّ الله : ((قُلْ)) لهم يا رسول الله ((آللهُ أَذِنَ لَكُمْ)) واعلمكم انه حرام؟ ((أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ)) (٣)؟.
فتحكمون بالحرمة من دون دليل من الله تعالى.
فقد(دلّ) مضمون الآية المباركة(على ان ما ليس باذن) صريح (من الله ، من اسناد الحكم إلى الشارع) و «من» بمعنى : التبعيض ، وفيه اشارة إلى ان ذلك : أحد مصاديق اسناد الحكم إلى الشارع بدون العلم (فهو افتراء) لانه نسبة بدون
__________________
(١) ـ كمال الدين : ص ٣٢٤ ح ٩ ، مستدرك الوسائل : ج ١٧ ص ٢٦٢ ب ٦ ح ٢١٢٨٩ ، بحار الانوار : ج ٢ ص ٣٠٣ ب ٣٤ ح ٤١.
(٢) ـ سورة الاسراء : الآية ٢٣.
(٣) ـ سورة يونس : الآية ٥٩.