محال.
وفي هذا التقرير نظر ، إذ القطع بعدم لزوم المحال في الواقع موقوف على إحاطة العقل بجميع الجهات المحسّنة والمقبّحة ، وعلمه بانتفائها ، وهو غير حاصل فيما نحن فيه.
فالأولى أن يقرّر هكذا : إنّا لا نجد في عقولنا بعد التأمّل ما يوجب الاستحالة ، وهذا طريق يسلكه العقلاء في الحكم بالامكان.
______________________________________________________
(محال) لأنه قد يكون الشيء بالنظر إلى ذاته محالا ، كالجمع بين النقيضين ، وقد يكون مستلزما للمحال ، كالتعبد بالظن ، فانه ـ على قول ابن قبة ـ مستلزم للمحال ، وان لم يكن بنفسه محالا.
(و) لا يخفى ما(في هذا التقرير) الّذي أقامه المشهور دليلا على الامكان من (نظر) واضح (اذ القطع بعدم لزوم المحال) من التعبد بالظن (في الواقع) الّذي محل البحث (موقوف على احاطة العقل بجميع الجهات المحسّنة والمقبّحة ، وعلمه) اي العقل (بانتفائها) اي بانتفاء الجهات المقبّحة(وهو) اي العلم بالانتفاء بعد الاحاطة ممّا لا يتسنى لغير المعصوم ، فهو لنا(غير حاصل فيما نحن فيه) لاحتمال ان يكون هناك جهة للقبح ، لم نحط بها علما.
وعلى هذا(فالأولى) اولويّة لزومية ، من قبيل قوله تعالى : (أَوْلى لَكَ فَأَوْلى)(١) فان معنى التفضيل منسلخ منه ، كما في قول الفقهاء : الاحوط والأقوى وما اشبه (ان يقرر) الامكان (هكذا) وهو : (انا لا نجد في عقولنا ـ بعد التأمل ـ) في الاسباب والمسبّبات (ما يوجب الاستحالة) للتعبد بالظن (وهذا) اي عدم وجداننا ما يوجب الاستحالة(طريق يسلكه العقلاء في) باب (الحكم بالامكان)
__________________
(١) ـ سورة القيامة : الآية ٣٤.