الكلاميّة صدقا
موقوف على صدور كلام مثله من المتكلّم بالأمس ، مع نصب القرينة ، ومن المعلوم
بطلانه.
ودعوى أنّ القضية المعقولة أمر مقارن للكلام اللفظي ، ومطابق لما
أراد المتكلّم ففرق بينها وبين ما ذكرت كما ترى ، وما ذكره الأشاعرة من أنّ الصدق
والكذب في الكلام اللفظي تابعان لهما في الكلام النفسي إنّما هو إذا كان الكلام
النفسي مدلولا للكلام اللفظي ، لا إذا كان أجنبيا عنه ـ كما هو المفروض ـ حيث
إنّهم يجعلون الكلام النفسي معنى الكلام اللفظي ، وأنت تقول لا يمكن إرادة المعنى
البعيد من الكلام اللفظي في المقام ، وإلا لم يحتج إلى إثبات الكلام النفسي.
ثمّ لو فرض كفاية صدق القضيّة المعقولة في صدق الكلام اللفظي
في المقام فمن المعلوم إمكان تصوير هذه القضيّة ، وتسميتها كلاما نفسيّا وعدم
تسميتها لا دخل له في صدق هذا الكلام ، وإن كان له دخل في اتّصاف تلك القضيّة بالصدق بناء على أنّه لا يتصف
بالصدق والكذب غير الكلام ، لكنّ هذا البناء ممنوع ، لأنّا نرى صحّة توصيف الحديث
النفسي بالصدق والكذب ، مع عدم كونه كلاما.
ثمّ إنّ الفاضل المذكور اختار أنّ التورية كذب ـ خلافا للمشهور
ووفاقا للمحقق القمي ـ قائلا : إنّ الصدق والكذب تابعان لما يفهم من اللفظ عرفا
، والمفروض أنّ العرف يفهم ظاهر اللفظ دون ما قصد.
وأنت خبير بما فيه
؛ فإنّ الصدق إذا كان فرع الاستعمال ـ على ما ذكره ـ فمن المعلوم أنّ الاستعمال
فرع الإرادة من اللفظ ، والمفروض أنّ ظاهر اللفظ غير مراد فهو غير مستعمل فيه ،
فلا وجه للحكم بكونه كذبا إلا في نظر المخاطب ، حيث يتخيل أنّ المراد ظاهره ،
ولعلّ هذا مراد المحقق القمّي رحمهالله ، لا أنّه كذب واقعا ، فهذا الكلام من هذا الفاضل إفراط في
مقابل التفريط السابق من اشتراط قصد التفهيم في
__________________