أحدها : الإجماع المنقول في كلام صاحب الغوالي (١) ، وقد عرفت حاله.
الثاني (٢) إنّ دلالة اللفظ على تمام معناه أصليّة ، وعلى جزئه تبعيّة ، وعلى تقدير الجمع يلزم طرح دلالة تبعيّة ، وعلى تقدير الطرح يلزم طرح دلالة أصليّة ، والأول أولى (٣).
وفيه : أنّه إن كان الغرض الجمع الذي يساعد عليه العرف ، كما في العام والخاص ونحوهما ، فهو حقّ ؛ لكن لما ذكرنا ، لا للأولويّة المذكورة ، وإن كان غرضه مطلق الجمع فلا ، والأولويّة المذكورة يمكن منعها ، وعلى فرضها لا دليل على اعتبارها ، إذ لا ترجع إلى أظهريّة أحد الدليلين وقرينيّته على الآخر.
هذا : واعترض العلّامة ـ في محكي النهاية (٤) ـ على الدليل المذكور بأنّ في الجمع عملا بدلالتين تبعيتين ، وفي الطرح بأصليّة وتبعيّة ، وهو الأولى.
وردّه السيّد العميد في شرح التهذيب بأنّ أولويّة الأخذ بتبعيّة وأصليّة ، إنّما تسلم إذا كانا من دليلين ، أمّا إذا كانا من دليل واحد ، وكان التبعيّان من دليلين فلا ، لأنّه مستلزم لتعطيل اللفظ الآخر وإلغائه بالكليّة ، ومن المعلوم أنّ التأويل أولى من التعطيل.
وأورد في الفصول (٥) على أصل الدليل والاعتراض والردّ :
أمّا على الأول : فبأنّ حجيّة الأولويّة المذكورة لا بينة ولا مبينة ، فيتجه عليها وعلى الأولويّة في أصل القاعدة المنع.
وأمّا على الثاني : فبأنّه لا يتمّ في العام والخاص أولا ، إذ في الجمع أيضا عمل بدلالة أصليّة وهي دلالة الخاص ، وتبعيته وهي دلالة العام بالنسبة إلى ما عدا الخاص ، وبأنّه لا تعدّد في الدلالة المأخوذة من دليل واحد ثانيا ، بل هي دلالة واحدة
__________________
(١) عوالي اللئالي : ٤ / ١٣٦.
(٢) لم يرد هذا الوجه في النسخة (ب) ، واقتصر فيها على الأول والثالث بجعله برقم الثاني.
(٣) ذكره العلّامة في نهاية الوصول (مخطوط) : ٤٥٣ ، ونقله في الفصول : ٤٢٥ ، القوانين : ٢ / ٢٧٩ ، مناهج الأصول : ٣١٢.
(٤) نهاية الوصول : ٤٥٣.
(٥) الفصول الغرويّة : ٤٢٥.