وأمّا الظنون الخارجيّة المطابقة لأحد الظاهرين بحيث لا يكون نفس اللفظ معها أظهر فلا عبرة بها عندهم ، فالمدار عندهم على ظهور اللفظ من حيث هو بملاحظة تلك الأمور أو أظهريّته كذلك ، وكذلك المقام (١) المدار على قوّة إحدى الأمارتين من حيث إنّها أمارة.
هذا ومن المعلوم (٢) من طريقتهم ، وكذا طريقتهم في الأحكام الشرعيّة بالنسبة إلى الطرق التي قرّرهم الشارع على العمل بها ، فلو فرضنا أنّ بنائهم على العمل بخبر العدل مثلا في مطلق الأمور عرفيّة وشرعيّة ولم يمنعهم الشارع عن ذلك ، بل قرّرهم عليه فبناؤهم في صورة المعارضة على ما ذكرنا ، فليكن هذا على ذكر منك.
[الأمر] الخامس : [في حاجة المرجح ـ للترجيح به ـ إلى دليل] لا إشكال في أنّ كون الشيء مرجّحا لأحد الدليلين مثل كون الشيء دليلا في أنّه يحتاج إلى الدليل لا بمعنى أنّه يجب أن يرد من الشارع أنّ الشيء الفلاني مرجّح بل أعم من ذلك ومن كونه مرجّحا عقليّا أو عقلائيّا ، وقد أمضاه الشارع ، أو مشكوك المرجحيّة مع حكم العقل بوجوب العمل عليه من باب القدر المتيقّن أو نحو ذلك ، فلا بدّ من الانتهاء إلى العلم بأنّه يجب الأخذ به ، فقد يكون احتمال وجود المرجّح أو مرجحيّة الموجود مرجّحا عند العقل لا بمعنى أنّ العقل يحكم بوجوب التقديم عند هذا الاحتمال كما لو فرضنا حكمه بوجوب شيء مع الشك (٣) في وجوبه ، وإن كان صحيحا أيضا بل بمعنى أنّ نفس الاحتمال مزيّة في أحد الخبرين ، والعقل يحكم (٤) بتقديم ذي المزيّة.
[الأمر] السادس : [في الغرض من تأسيس الأصل] لا يخفى أنّ الغرض من تأسيس الأصل بيان مقتضى القاعدة هل هو وجوب الترجيح بمجرّد وجود مزيّة لأحد الخبرين أو الأمارتين مع قطع النظر عن الأخبار الدالّة على الأخذ بالمرجّحات أو لا ، سواء قلنا فيها بالتعدي بدعوى أنّ المستفاد منها الترجيح بكل مزيّة أو ما يوجب الأقربيّة أو لا؟ بأن اقتصرنا على المنصوصات ، ولا يختص الكلام بما إذا كان الترجيح مشكوك الاعتبار أو الوجود ،
__________________
(١) في نسخة (ب) و (د) : وكذلك في المقام.
(٢) جاء في نسخة (ب) و (د) : وهذا معلوم من طريقتهم.
(٣) أثبتنا هذا من النسخة (ب) و (د) ، وفي الأصل كانت : من الشك.
(٤) لا توجد كلمة «يحكم» في نسخة (ب).