فطلب منه البيّنة ، إلا أنّ الشيخ أراد أن يكون ذلك بالامتحان مشافهة فامتحنه مرارا في مجالس متعددة ، ولكنّه قال هذا لا يكفي بل ائتني ببعض ما كتبت ، وكان قد كتب شرحا مفصلا على كتاب الطهارة من الشرائع فعرضه على السيد وبعد أيام أرجعه وقد كتب عليه : «لقد أجلت فيما ألّفه نور بصري بصري ، وسرّحت فيما رصّفه جلاء نظري نظري ، فوجدته بحمد الله روضة فضل بالأزهار مشحونة ، بل عيبة علم ولا عيب سوى أنّها يتيمة ، أدام الله معالي أبيها مكنونة ، فلقد بذل جهده في العلوم ، ووقع من منطوقها على المفهوم ، ولا زال باذلا في العلوم مساعيه ، واردا أصفى مناهله ، ومرتقى لأسمى مراقيه بمحمد وآله صلوات الله عليهم» (١).
وذكر شيخنا الأستاذ آية الله العظمى الشيخ الوحيد الخراساني (٢) : «أنّ السيد اليزدي بحر من العلم عميق لا يدرك غوره ، ثمّ نقل هذه الرؤية فقال : رأى السيد اليزدي في عالم الرؤيا أنّ كتابه العروة الوثقى يضرب بالجدار ويسمّر بمسامير ، فاستيقظ منزعجا من تلك الرؤيا ، فقصّ رؤياه على من هو متخصص في تفسير الرؤيا فقال له : سوف يكون كتابك العروة الوثقى متنا ويأتي العلماء بعدك ويعلّقون عليه» وكان كما قال هذا المفسّر تماما.
وفاته :
«.. في منتصف رجب ١٣٣٧ ه ، توعّك السيد وأصابته حمّى شديدة ، وامتنع عن الخروج للصلاة والدرس ، وفي اليوم الثالث من عروض الحمى عدناه عصرا ، وكان لا يأذن بالعيادة إلا لقليل من الخواص ، فخلى بنا في محله الخاص فكنت وأخي الشيخ المرحوم (٣) والسيد قدس سرّه ولا رابع معنا إلا الله جلّ شأنه ، فقال : أجدني لا أسلم من هذا المرض ، وإنّي راحل عن قريب ، وتعلمون أنّ أولادي الذين كنت أعتمد عليهم وأثق بهم قد رحلوا أمامي ، ولم يبق من ولدي من أعتمد عليه ، وعليّ
__________________
(١) حجر وطين : ٤ / ٤٣ ـ ٤٤.
(٢) ذكر هذا في مجلس الدرس المؤرخ ب ٢١ / ٣ / ١٤٢٦ ه.
(٣) هو آية الله العلّامة الجليل الشيخ أحمد كاشف الغطاء ، وكان من مراجع التقليد آنذاك ، بل قيل بأنّ السيد أرشد إليه في التقليد.