؛ فتدبّر!.
(هذا ؛ مع إنّ أصل المطلب ـ بحمد الله ـ من الواضحات ، هذا جناي وجناه (١) ؛ بلّغني الله وإيّاه مناي ومناه ، وشكر الله عناي وعناه (٢) ، بحق محمد وآله الطاهرين وحشرنا الله معهم في يوم الدين) (٣).
الأمر الثالث : [لزوم تخالف الخبرين لتسويغ التقيّة]
لا إشكال في أنّه يعتبر في الحمل على التقيّة في مقام ترجيح أحد الخبرين على الآخر كون أحدهما موافقا لهم ، والآخر مخالفا ، وإلّا فمع موافقتهما أو مخالفتهما لا يمكن الترجيح إلا بما سيجيء من موافقة ميل الحكّام والقضاة في صورة موافقتهما لهم.
نعم ؛ يمكن الترجيح إذا علم عدم صدور أحدهما تقيّة ، واحتمل ذلك في الآخر بناء على ما سيجيء من الأخبار من أنّهم قد يلقون الخلاف بين الشيعة ؛ لكنّه حينئذ مبنيّ على التعدي عن المنصوصات ، فإنّ ما ذكرنا ليس من المنصوص كما هو واضح ، وكذا يمكن الترجيح إذا علم عدم وجود قول بينهم موافق لأحد الخبرين ، واحتمل وجود قول بينهم موافق للآخر ، وربّما يحكى عن صاحب الحدائق الحمل على التقيّة في صورة مخالفتهما لهم أيضا ، ويورد عليه بعدم معقوليّة ذلك ، بل حكي عن بعض الأساطين (٤) أنّه عدّ هذا في جملة المطاعن على ما ذهب إليه (٥) ، ولعلّ النسبة المذكورة من جهة ما ذكره في مقدمات الحدائق ـ على ما حكي عنه ـ
__________________
(١) الجني والجنى ؛ ما يحصله الشخص من ثمر ونتاج لما سبق منه الترتيب له من قول أو فعل أو غرس لشجر ، ومنه قوله تعالى (وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ) ، فإذا أضيفت إلى الضمير توسطت الألف بينها والضمير ، وهو شأن الكلمة المنتهية بألف مقصورة كما في جنى وعنى وغنى ومنى و.. و...
(٢) هاتان الكلمتان وكذا ما سبقهما ـ مناي ومناه ـ الكلام فيهما كما ذكرنا في جناي وجناه ، والمراد بالعنى التعب.
(٣) ما بين القوسين هنا لا يوجد في نسخة (د).
(٤) هو الوحيد البهبهاني كما سيأتي من المؤلف ذكره لاحقا ، كما يحتمل إرادة الشيخ جعفر الكبير في رسالته الفروق بين المجتهدين والأخباريين.
(٥) المقصود من الضمير الشيخ يوسف البحراني صاحب الحدائق.