البصريين فالمستعمل عام والمراد به هو الخاص والقرينة قيام الاستثناء.
والصحيح. أنّ هذه الأمثلة والموارد ليست من باب استعمال العام في الخاص ليكون مجازا ويحتاج الى علاقة فانّ ما ألزمهم الى القول بالتجوز فيها هو توهم التناقض المذكور ولكن من المعلوم عدم تطرقه في المقام بوجه اذ التناقض انّما يتصور فيما اذا استقرّ الأمر في العموم واستعمل العام فيه وهذا غير متحقق من أول الأمر فإنّ للمتكلم ما دام متكلما أن يلحق بكلامه ما شاء من اللواحق وهذا كلام أشهر من أن يخفى وأظهر من أن ينسى فلو قال أحد لفلان علىّ ألف درهم. لم يحكم عليه بالاقرار فورا وبمجرد صدور هذا الكلام منه إلّا اذا تم كلامه وسكت ولم يقيد فيحكم عليه بذلك واما لو قال عقيب كلامه من غير فصل (إلّا ثلاثمائة) فلا يحكم عليه إلّا بسبعمائة فقط وهذا واضح اذ لو كان كلامه مستقرا في الاقرار ابتداء لزم منه الانكار بعد الاقرار فيما اذا أعقبه بقوله إلّا ثلاثمائة ولزم أيضا أن يكون القائل بكلمة لا إله إلّا الله كافرا ثم يصير مؤمنا ـ والحاصل انّه لا يستقر الكلام في أيّ معنى إلّا بعد فراغ المتكلم عنه وسكوته عليه وإلّا فبمجرد اطلاق العام واستعماله في العموم لا يحكم بذلك مع قابليته لأن يخصص واحتمال وروده عليه فإذا سكت ولم يخصص فهو محكوم بالعموم وان أتى بالخاص فلا. فظهر انّه لا مجال لتوهم تناقض أو تجوز وإن شئت تفصيل البحث فنقول :
اذا قيل اكرم العلماء إلّا زيدا لا يكون الاستثناء تخصيصا في عموم الموضوع لعدم خروج زيد بذلك من أفراد العلماء بل انّما التخصيص في عموم الحكم وانّه لا يجب اكرام زيد العالم. وعموم الحكم يستفاد من هيئة التركيب ولفظ العلماء قبل ضم لزوم الاكرام لا نظر له الى حكم فوضعه الافرادي راجع الى عموم الموضوع وهذا العموم يتبعه عموم الحكم بمعنى انّه اذا صدر الأمر بالاكرام وكان لفظ العلماء مفيدا للعموم فلزوم الاكرام يشمل الجميع فلا يستند عموم الحكم كما عرفت الى اللفظ