فتحصل انّ المراد بقولهم الدلالة كون الشيء بحيث يلزم من العلم به العلم بشيء آخر هو كونه بحيث يلزم من التصديق به التصديق بشيء آخر فإنّ الدلالة مقابل العرفان لا عينه وأما كون الشيء بحيث يلزم من العلم به الخ فهو عبارة عن التصديق حيث ينتقل من أحدهما الى الآخر. فالدلالة المصطلحة عليها عبارة عن التصديق والتصديق فرع وجود العلية والمعلولية. وهذا غير محتاج اليه في الطبعية والعقلية فانّ العلية فيهما ثابتة. وأما في الوضعية فلفظ زيد ليس علة لوجود زيد ولا معلولا عنه ولكن لما حصلت من المتكلم ارادة التكلم فتحصل العلية والمعلولية بين الكلام والارادة بمعنى انّه لما كان المتكلم العارف المريد في مقام الإفادة وقال زيد قائم فهذا اللفظ منبعث عن الارادة لوضوح انّه لو لم يكن مفاهيم الألفاظ مرادة لم يحصل التكلم فهذه الألفاظ منبعثة عن الارادة لوضوح انّه لو لم يكن مفاهيم الألفاظ مرادة لم يحصل التكلم فهذه الألفاظ معاليل والارادة علتها فهذا من الدلالة الإنيّة لدلالة المعلول على علته ـ ثم لو عرضت ملازمة بين الارادة والتكلم فهو دال على الخارج أيضا دلالة ثانويه فلو كان المتكلم معصوما حائزا لمقام العصمة فالدلالة حينئذ على الخارج ثابتة نظرية أو ضروريه بدون فرق بينهما وأما لو كان صادقا غير معصوم وكان ما في الخارج بديهيا فالدلالة أيضا على الخارج ثابتة واما إن لم يكن ما في الخارج بديهيا فلا يكون حجة على غير من حصل له الدلالة ولو كان المتكلم كامل العدالة فهو دال على نظر المستدل ولا يدل على ثبوت ما في الخارج. ومن هنا ظهر أنّ الردود والنقود بين العلماء وأرباب الفنون الموجودة في المحاورات والكتب العلميه لا يراد بها التكذيب والتوهين.
والنتيجة الحاصلة الى حد الآن ان ما ذهب اليه المحققون من ان الدلالة الوضعية تابعة للارادة أمر متين لا غبار عليه ولكن التفتازاني فهو قد اشتبه عليه مرادهم ومقصدهم من أول الأمر حيث عرف الدلالة بما ذكرناه ونقلناه عنه من أخذه العلم