المبحث التاسع : حول الأصل وأصول الفقه.
الأصول هو جمع الأصل واذا قلنا أصول الفقه فهنا معنيان لغوي واصطلاحي. أما الأصل فقد فسره أكثرهم بما يبتني عليه شيء غيره إلّا أن الجامع له بحسب الاطراد في الموارد هو ما يقابل الفرع فيقال أصل النبات وأصل الشجر في مقابل الفروع وهي الأغصان والأوراق فهذا المعنى في خصوص النبات حقيقي وأما في غير ذلك فهو تنزيلي كما في القاعدة حيث يعبر عنها بالأصل فإنّها وضعت لاستخراج الحكم الجزئي عنها التي هي بمنزلة الفروع بالنسبة اليها وهكذا في مقابل ساير الموارد التي قد يكون الأصل فيها مطابقا للقاعدة وقد يكون مخالفا لها كالاستصحاب فيعبر بقاعدة الاستصحاب أو أصل الاستصحاب فهنا أيضا تكون الجهة المتقدمة ملحوظة وهي استخراج جزئيات منها وغير ذلك من القواعد الشرعية أو غير الشرعية مستقرئة كانت أو عقلية وهكذا اطلاق الأصل على الدليل وعلى أساس الجدار فكل هذه الموارد تنزيلي لوضوح أنه لو ابتنى شيء ولم توجد فيه الحيثية المذكورة لم يكن أصلا في الحقيقة فانّه ليس عبارة عن مجرد وضع لبنة على لبنة أو غير ذلك.
والمراد بأصول الفقه قواعده ووجه اضافتها اليه ارتباطها به وهذا في مقابل قواعد الفقه التي هي عين الفقه وهكذا الحال في أصول الدين فالتعبير عن الأصول بالقاعدة والدليل انّما هو للتنزيل منزلة أصل النبات كما ظهر. ومن جملة الموارد الاستيصال أي القطع من أصله وأساسه. والغدوّ والآصال والأصيل هو طرف العصر في مقابل البدوّ وقد ذكر بعضهم في وجه التنزيل هو ان قطع الشيء انّما يكون بقطع أصله والأخذ والشروع في القطع انّما هو من الطرف الأعلى الى أن يصل الى منتهاه وأصله.